مقالات

فراج إسماعيل يكتب: غزة المدمرة المحاصرة تظل المكان الآمن الوحيد لقادة المقاومة

انطلاق صاروخ موجه بدقة إلى غرفة النوم ليصيب هدفاً محدداً دون أن يقتل عدداً كبيرا من الحراس في المقر أو جواره.. تطور خطير في سلاح الاغتيالات السياسية.

هل انطلق من أذربيجان المجاورة التي لإسرائيل علاقات عسكرية بها؟!.. طهران حتى الآن لم تفصح عن الطريقة التي أسقطت بها طائرة الرئيس السابق ووزير خارجيته قبل شهور، والتي ذكرت عدة تقارير وقتها وجود احتمال استهدافها بصاروخ انطلق من أذربيجان.

هذا ممكن بالنسبة للطائرة التي كانت في الجو في منطقة نائية بعيدة عن أنظمة الرادارات، لكن لا يمكن تقبله بالنسبة لمقر في وسط طهران، الأرجح أنه محاط بحراسة مشددة، وأن الصاروخ القادم من جهة خارجية، سيتم رصده بسهولة في الأجواء الإيرانية، علما بأن الصواريخ الموجهة تظل عدة دقائق في الأجواء أثناء توجيهها بالأقمار الصناعية، وهذا يكفي لرصدها وتفعيل أنظمة الإنذار.

هناك تقارير بأن أجهزة التشويش المزود بها الصاروخ حالت بينه وبين وسائل الدفاع الجوي المفترض وجودها في منطقة المقر بكثافة، وأنه لكي يصيب هدفه لابد أنه انطلق من الداخل الإيراني ومن موقع قريب يجعل التحكم فيه دقيقاً.

لا أتصور أن التحقيقات الإيرانية ستكشف عن شيء لأسباب مختلفة. منها أن ذلك يهين المنظومة الأمنية وقدرات عاصمة إقليمية كبرى. . وأن اغتيال دولة لزعيم على أرض دولة أخرى يستلزم إعلان حرب أو الانتقام باغتيال رئيس الوزراء في الدولة المعتدية وهو أمر ليس بالمستطاع.

ولا أتصور أن واشنطن قامت بتنفيذ العملية، لأن اغتيال زعيم سياسي يشرف تقريبا على عملية التفاوض حول صفقة محتملة ليس في  صالحها ويتناقض مع جهود إدارة بايدن في منع التصعيد إلى حرب إقليمية.

أشير هنا إلى تغريدة رئيس الوزراء القطري وتساؤله بشأن مفاوضات تجري وأثناء ذلك يتم اغتيال المفاوض من الجانب الآخر، وتصريح بلينكن بأن واشنطن لا علم لها بالاغتيال ولم تساهم فيه.

قولاً واحداً إنه الموساد الذي درس جيداً ردود الفعل على عمليات سابقة واتخذ قرار الاغتيال بناء عليها.

في عام 2020، أمر الرئيس ترامب آنذاك باغتيال أقوى قائد عسكري في إيران، الجنرال قاسم سليماني، في بغداد.

وكانت هناك دعوات غاضبة للانتقام، لكن لم يحدث أي انتقام.

وفي عام 1986، أمر الرئيس ريجان بشن غارة جوية على ليبيا ردا على تفجير ملهى ليلي في برلين. وكانت هناك مخاوف من أن يشتعل العالم العربي بالنيران، لكن ذلك لم يحدث.

هكذا يقول فرانك جاردنر المراسل الأمني لبي بي سي.

هذه المرة تختلط أوراق اللعبة، هناك اغتيال متزامن للرجل الثاني في الحزب في الضاحية الجنوبية وغارة قاتلة على ذراع إيرانية في بابل بالعراق، وقبله هجوم كبير على ميناء الحديدة.

في عقيدة الموساد منذ الحروب الاسرائيلية العربية السابقة أن توسيع الاستهداف يجعل ردود الفعل صفراً.

ستتعهد إيران بالانتقام وستمسح دموعها وتصمت.. ومثلها الحزب في لبنان أو العراق والحوثيون في اليمن.

والمفارقة العجيبة أن  غزة المدمرة المحاصرة تظل المكان الآمن الوحيد لقادة المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى