انفرادات وترجماتسلايدر

فريدمان : هكذا عرقلت الحرب علي غزة خطوات التطبيع السعودي مع الدولة العبرية

أكد الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان أن  السعودية  كانت مستعدة بشكل كبير للتطبيع مع إسرائيل سواء حكومي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة أو حتي الرأي العام السعودي  حيث أيد حوالي 70% من السعوديين  التطبيع  مع الدولة العبرية قبيل اندلاع  حرب غزة

وقال الكاتب الشهير في مقال له في جريدة الـ “نيويورك تايمز “لقد شعرت بالقلق منذ البداية من أن إسرائيل شنت غزوها لغزة للقضاء على حماس دون أي خطة لما يجب القيام به مع الإقليم وشعبه في أعقاب أي انتصار. بعد أن قضيت أسبوعا للتو في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لأخذ نبض هذه الزاوية الهامة من العالم العربي، أصبحت الآن أكثر قلقا.

واضاف في المقال الذي ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية :اسمحوا لي أن ألخص مخاوفي بهذه الطريقة: لأن حماس بنت شبكة أنفاق واسعة تحت غزة، يتعين على القوات الإسرائيلية، في سعيها للقضاء على تلك المنظمة الإرهابية الشريرة، تدمير أعداد هائلة من المباني.

وتابع الكاتب الشهير قائلا :إنها الطريقة الوحيدة التي يمكنهم بها قتل الكثير من مقاتلي حماس ونزع سلاح غزة دون فقدان الكثير من جنودهم في النافذة القصيرة التي تشعر بها إسرائيل في مواجهة ضغوط من الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين لإنهاء الغزو.

واستدرك كان لإسرائيل ما يبررها في الرد على حماس لكسر وقف إطلاق النار الذي كان قائما في 7 أكتوبر واختطاف حوالي 240 آخرين في طريقها في ذلك اليوم لاسيما بعد  تآمرت حماس ونفذت حملة لا توصف في إشارة لهجمات السابع من اكتوبر والتي بدت مصممة لجعل إسرائيل مجنونة وتسعى لتدميرها دون التفكير في الصباح التالي. وهذا بالضبط ما فعلته إسرائيل.

واستعرض مجمل الأحداث في قطاع غزة قائلا :ولكن بعد تسعة أسابيع، يمكننا الآن أن نرى الصباح بعد الصباح التالي في سعيها لتحقيق أهدافها المتمثلة في تفكيك الآلة العسكرية لحماس ومحو كبار قادتها، قتلت إسرائيل وأصابت الآلاف من المدنيين الأبرياء في غزة إذ  عرفت حماس أن هذا سيحدث ولم تهتم.

لكن والكلام مازال لفريدمان : إسرائيل سترث المسؤولية عن كارثة إنسانية هائلة ستتطلب سنوات تحالف عالمي لإصلاحها وإدارتها كما ذكرت صحيفة التايمز يوم الثلاثاء، “تظهر الصور الفضائية أن القتال قد أدى إلى أضرار جسيمة في كل ركن من أركان مدينة غزة تقريبا” – تم تدمير ما لا يقل عن 6000 مبنى، مع حوالي ثلثها في حالة خراب.

أشارفريدمان إلي  مقال حديث حول هذا الموضوع في صحيفة هآرتس بقلم ديفيد روزنبرغ  نبه إلى أنه “حتى لو انتهى القتال بانتصار حاسم على حماس، فإن إسرائيل ستكون مثقلة بمشكلة تكاد لا تجد لها الحل.

إذ ركزت معظم المناقشات العامة حول ما يحدث في اليوم التالي للحرب على من سيحكم غزة. هذا وحده سؤال معقد، ولكن المشكلة أعمق بكثير من من سيكون مسؤولا عن القانون والنظام وتوفير الخدمات الأساسية: سيتعين على من هو المسؤول إعادة بناء الحطام الذي هو غزة وخلق اقتصاد فعال “.

بدا متشائما حيال مستقبل إعادة إعمار القطاع بعد الحرب قائلا :سيكون هذا مسعى بمليارات الدولارات لعدة سنوات. ويمكنني أن أخبرك بناء على محادثاتي هنا، لا توجد دول خليجية عربية “ناهيك عن دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة ستفعل ذلك.

حيث لن يأتي الكونغرس إلى غزة بأكياس من المال لإعادة بنائها ما لم يكن – وحتى هذا ليس أمرا مؤكدا – إسرائيل لديها شريك فلسطيني شرعي وفعال وتلتزم بالتفاوض يوما ما على حل الدولتين.

كما أن أي مسئول إسرائيلي يقول خلاف ذلك هو واهم مستشهدا بما  قالت لانا نسيبة، سفيرة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، في مقابلة يوم الثلاثاء مع صحيفة وول ستريت جورنال: “نحن بحاجة إلى رؤية خطة قابلة للتطبيق لحل الدولتين، وخريطة طريق جادة قبل أن نتحدث عن اليوم التالي وإعادة بناء البنية التحتية لغزة”.

ولكن فريدمان عاد للقول الشيء الأكثر تفاؤلا الذي يمكنني الإبلاغ عنه من الرياض، ومن التحدث إلى المسؤولين الأمريكيين في واشنطن قبل وصولي، هو أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، تظل المملكة العربية السعودية ملتزمة من حيث المبدأ باستئناف المفاوضات التي كانت جارية قبل 7 أكتوبر.

حيث كان المفاوضون يناقشون  صفقة كبرى تدخل فيها الولايات المتحدة في معاهدة أمنية مع المملكة العربية السعودية، وفي الوقت نفسه، ستقوم المملكة العربية السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل – شريطة أن تلتزم إسرائيل بخطوات محددة للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو حل الدولتين.

وواصل فريدمان حديثه عن التطبيع السعودي مع الدولة العبرية قائلا :لكنني وجدت انطباعا قويا جدا هنا بأن السعوديين يريدون من الأمريكيين إنهاء حرب غزة في أقرب وقت ممكن، لأن الموت والدمار في غزة يؤديان إلى تطرف سكانها الشباب “الذين لم يركزوا إلى حد كبير على إسرائيل وفلسطين من قبل”

بل أن هذا التطرف بحسب المسئولين السعوديين والعهدة علي فريدمان  يخيف المستثمرين الأجانب ويعيقون عموما ما تريد المملكة العربية السعودية التركيز عليه: خطة رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030 لتغيير البلاد، من التعليم إلى البنية التحتية إلى تمكين المرأة.

وقدم فريدمان ملخصا للحرب علي غزة بالقول في حين أن القادة هنا ليسوا أقل تعاطفا مع حماس، ولن يحزنوا على اختفاء الحركة لثانية واحدة، إلا أنهم يشكون في أن إسرائيل يمكن أن تمحو حماس إلى الأبد ويقلقون من أنه في محاولة القيام بذلك، فإن الأضرار التي لحقت بغزة ستؤدي إلى عواقب سيئة غير مقصودة.

لقاء بين بن سلمان وبايدن - أرشيفية
لقاء بين بن سلمان وبايدن – أرشيفية

بالطبع أفهم لماذا سيكون من الصعب إحياء هذا الحوار السعودي الأمريكي الإسرائيلي الفلسطيني حتى على حكومة إسرائيلية معتدلة الالتزام به في الوقت الحالي – ناهيك عن مجموعة المتعصبين الذين يديرون إسرائيل حاليا، الملتزمين بضم الضفة الغربية وأكثرهم جنونا يتطلعون إلى إضافة غزة.

وبالنظر إلى ما حدث في 7 أكتوبر، لا يريد الكثير من الإسرائيليين حتى التفكير، ناهيك عن الموافقة على التنازل عن السيطرة الإقليمية لأي سلطة فلسطينية حاكمةولكن إذا لم تتوصل إسرائيل إلى رؤية سياسية طويلة الأجل لإغراء العالم لمساعدتها على تمويل إعادة بناء غزة، فسيلحق بها الكثير من الأذى الدبلوماسي والاقتصادي. يمكن أن ينتهي الأمر بغزة إلى إثقال إسرائيل عسكريا واقتصاديا وأخلاقيا – ويأخذ راعي قوتها العظمى الأمريكية في الطريق.

وتطرق مقال فريدمان لما يقوم به  نتنياهو من حملة الآن للحفاظ على وظيفته من خلال محاولة إثبات لقاعدته اليمينية المتطرفة أنه الزعيم الوحيد المستعد لإخبار إدارة بايدن بأن بلاده لن تفعل أبدا الحد الأدنى الذي تطلبه الولايات المتحدة: أن تساعد إسرائيل في رعاية السلطة الفلسطينية المفعلة، وتقديم بعض الأفق السياسي طويل الأجل للدولة الفلسطينية من أجل تطوير شريك فلسطيني يمكنه يوما ما حكم غزة المحررة من حماس وإسرائيل.

وافاد فريدمان قائلا :هذا هو السبب في أن استعداد المملكة العربية السعودية – إذا كانت مازالت تنوي – للمضي قدما في الحوار الأمريكي السعودي الإسرائيلي الفلسطيني عندما تتوقف هذه الحرب مهم جدا. لكن هذا ليس مجرد عمل خيري من قبل السعوديين. هذه استراتيجية أساسية. هذا الجيل من القادة في المملكة العربية السعودية وكذلك في الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب (ثلاث دول وقعت اتفاقات أبراهام مع إسرائيل) غير عاطفي تماما عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على الرغم من أنه لن يتعامل بسهولة.

لقد سأم هؤلاء القادة من إخبارهم بأنه يتعين عليهم تأجيل أولوياتهم وتركيز طاقتهم واهتمامهم ومواردهم على القضية الفلسطينية. في الوقت نفسه، على الرغم من ذلك، فإنهم يشعرون بالرعب الحقيقي من الخسائر المدنية في غزة.

عباس وبلينكن

وفي الوقت نفسه، فإنهم يدركون تماما الفساد في السلطة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، فإنهم يكرهون فروع الإخوان المسلمين مثل حماس ويفهمون كيف يحاول المتعاطفون معها في جميع أنحاء المنطقة، بمساعدة إيران الغاضبة باستمرار، استخدام صور الأطفال القتلى في غزة على التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج السكان العرب.

وساق فريدمان في نهاية مقاله خبرا وصفه بالسار بالقول : قبل بضعة أشهر، أجرت الحكومة السعودية استطلاعا خاصا يسأل السعوديين عن شعورهم تجاه التطبيع مع إسرائيل – إذا تم ذلك في سياق الدعم السعودي للدولة الفلسطينية. أخبرني مسؤول كبير بتأييد سبعين في المائة. الأخبار السيئة: بالنظر إلى الصور القادمة من غزة الآن، فإن الحكومة لن تجرؤ على إجراء هذا الاستطلاع اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى