شهدت الحرب في مالي تطورات ادراماتيكية جعلت وجود فاجنر عبئامزدوجا على سلطات باماكو من جهة ولكن على الدولة الروسية من جهة أخرى،
فبينما سعت مالي من خلال تواجد هذه المجموعة بحسب تغريدة للباحث الموريتاني الخبير في الشئون الإفريقية سلطان البان إلى حماية نظامها الذي يفتقر إلى الشرعية الشعبية وهزيمة الحركات الآزوادية في الشمال عبر تسليح وتدريب القوات المالية وحماية المناطق الإستراتيجية في البلد كمناطق تواجد الذهب
إلا أن أربع سنوات من التواجد الروسي في مالي وفقا للبان كانت كفيلة بإقناع الطرفين أن فاتورة بقاء فاغنر أغلى من أن يتمكن الطرفان من تسديدها،فتصاعد العنف في مناطق واسعة من جغرافيا مالي أدى إلى خسائر فادحة بين المدنيين

وقد أدى هذا بدوره إلى انحسار نفوذ الدولة وتراجع الثقة بها وتأجيج روح المقاومة في صفوف المقاتلين الذين ربما يستفيدون من دعم أطراف دولية أخرى رأت في وجود فاجنر توسعا في مجالها الجيواسراتيجي كما تتحدث تقارير إعلامية عن وجود مدربين أوكران بين صفوف المقاتلين الأزواديين لأسباب مفهومة على كل حال.
وفي هذا السياق ووسط تغير المعادلات وفي سياق الضغوط التي تواجهها فاجنر جراء العقوبات الأمريكية وربما تأجيج الصراع بين روسيا وأوكرانيا بات وجود فاجنر بلا مردود استراتيجي ومكلف بشريا
وهذا ما يفسركما يقول الخبير الموريتاني في الشئون الإفريقية إعلان فاجنر اليوم الإنسحاب من مالي وهو ما يجعل وضع السلطات المالية أكثر صعوبة وهي أضحت بين فكي كماشة شمالا وجنوبا.

ولا شك هذه الأرضية الرخوة تحت أقدام حلفاء الأمس بفعل تصاعد هجمات الجماعات المسلحة وتراجع تماسك القوات المالية والبحث الروسي عن إعادة تموضع استراتيجي أكثر فائدة وأقل تكلفة هي ما يحدد الوجهة الجديدة لفاجنر في الإقليم
ويبقى حكام باماكو هم الخاسر الأكبر من هذه الوضعية وقد أحرقوا كل المراكب بالنسبة لفرنسا أولا ولكن أيضا بالنسبة للجزائر خاصة حيث كانت على مر الأوقات تلقي بحبل النجاة لحكام باماكو كلما وصل بهم المسير إلى الهاوية
.