فضيحة فساد مالي تتجاوز 30مليار دولار تقض مضاجع نظام الملالي الإيراني
تواجه إيران مرة أخرى اتهامات خطيرة بالفساد، حيث تم تخصيص مبلغ مذهل قدره 30 مليار دولار للاستيراد خلال النصف الأول من السنة الشمسية 1403(20 مارس)، من بدايتها حتى 3 سبتمبر 2024، مما أثار مزاعم واسعة النطاق عن وجود مخططات استغلال النفوذ والفساد.
ووبحسب عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسي أفشار أفاد أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي الإيراني بحدوث فضيحة مالية ضخمة أثارت دهشة الرأي العام، حيث يتساءل الناس عن كيفية تخصيص هذه المبالغ الكبيرة دون أن يكون لها تأثير إيجابي على الحياة اليومية.
ووفقًا لتقرير البنك المركزي، تم تخصيص 30.048 مليار دولار من النقد الأجنبي للاستيراد خلال هذه الفترة. ومن هذا المبلغ، تم تخصيص حوالي 5.6 مليار دولار للسلع الأساسية والأدوية، وأكثر من 16 مليار دولار للسلع التجارية، و747 مليون دولار للخدمات. ومع ذلك، أدى هذا التخصيص الهائل إلى غضب شعبي بسبب عدم كفاءة استخدام الأموال وزيادة الفجوة بين الوعود الاقتصادية والواقع، حيث يشعر الكثيرون بأن هذه الأموال قد أُسيء استخدامها مع تفاقم ممارسات استغلال النفوذ.
وبدلاً من أن يساهم تخصيص هذه الأموال في تخفيف المشاكل الاقتصادية التي تواجهها إيران، يرى الرأي العام أن هذه الاستثمارات لم تؤد إلى تحسين ملموس في حياة المواطنين العاديين. وكما أشار البنك المركزي، شهد تخصيص النقد الأجنبي زيادة بنسبة 2.2% مقارنة بالأسبوع السابق، إلا أن التحسن المتوقع في توافر السلع الأساسية واستقرار الاقتصاد لم يتحقق. بل على العكس، لا تزال أسعار السلع الأساسية ترتفع، وتستمر المعاناة الاقتصادية، مما أدى إلى انتشار الشكوك حول وجود فساد واستغلال النفوذ في عملية التخصيص.
من جانبه أشار الخبير الاقتصادي فرشاد مؤمني، في تحليله المستند إلى بيانات البنك الدولي، إلى معدلات التضخم خلال فترة 34 عامًا (من 1990 إلى 2023) وسلط الضوء على معدل التضخم غير المسبوق في إيران. ووفقًا لمؤمني، خلال هذه الفترة، بلغ متوسط ارتفاع الأسعار 55% في السعودية، و312% في أذربيجان، و897% في مصر، بينما ارتفع المعدل في إيران إلى أكثر من 12,000%. ويرى مؤمني أن هذا التضخم الهائل يعود إلى الفساد المنهجي، مشيرًا إلى أن “النمو بنسبة 12,000% في الأسعار على مدار 34 عامًا هو نتيجة مباشرة للسرقة واستغلال النفوذ”.
وقال مؤمني: «إن اعتماد الحكومة الإيرانية على الصدمات الاقتصادية المتكررة لتحقيق الإيرادات أدى إلى ضعف الإنتاج وزيادة الفقر وعدم المساواة والتبعية للخارج، مما زاد من عدم الاستقرار الاقتصادي واستغلال النفوذ».
ويظهر تقرير البنك المركزي أن العملة الأجنبية المخصصة تم توزيعها على أربع فئات رئيسية: 16.229 مليار دولار للسلع التجارية، و6.607 مليار دولار للاستيراد مقابل التصدير، و747 مليون دولار للخدمات. وفي المجمل، تم تخصيص 6.465 مليار دولار للسلع الأساسية والأدوية، منها 5 مليارات دولار لاستيراد السلع الأساسية مثل القمح والبذور الزيتية ومدخلات الزراعة. وتم تخصيص 1.463 مليار دولار للأدوية والمواد الخام الدوائية والمعدات الطبية، بهدف ضمان وصول السلع الأساسية للمستهلكين بأسعار مناسبة، وذلك باستخدام سعر صرف ثابت قدره 28,500 تومان.
ولكن الخبير الاقتصادي وحيد شقاقي شهري سلط الضوء على سوء الإدارة الاقتصادية الحاد واستغلال النفوذ الذي ميّز تخصيص مبلغ 30 مليار دولار للاستيراد. وأشار إلى بيانات الجمارك التي أظهرت أنه خلال السنوات 2021 إلى 2023، استوردت إيران 53 مليار دولار و59 مليار دولار و67 مليار دولار على التوالي، بينما تراجعت صادراتها غير النفطية إلى 49 مليار دولار و53 مليار دولار و50 مليار دولار. وأشار إلى أن هذه الفجوة المتزايدة تعكس عدم الكفاءة المنهجي والفساد.
وأكد شقاقي شهري أن “هذا العجز المتزايد في التجارة غير النفطية يعكس تفاقم استغلال النفوذ والفساد داخل الحكومة الإيرانية”. وأشار أيضًا إلى أنه من المتوقع أن يتم تخصيص أكثر من 65 مليار دولار للاستيراد بحلول نهاية السنة الشمسية 1403 (19 مارس 2025)، مما سيزيد من العجز التجاري.
وانتقد شقاقي شهري السياسات النقدية الخاطئة للحكومة، بما في ذلك نظام سعر الصرف التفضيلي، الذي زاد من الحافز للاستيراد وأدى إلى تفاقم العجز التجاري. كما أشار إلى الفجوة بنسبة 50% بين سعر الصرف الرسمي والسوق الحرة، والتي سمحت للشركات التابعة للبنوك بالاستفادة من القروض الحكومية، مما أدى إلى زيادة استغلال النفوذ.
وهذه الشركات، بدلاً من التركيز على التنمية، استفادت من نظام العملة الأجنبية، مما أدى إلى تفاقم الركود الاقتصادي ومنع حدوث أي حركة اقتصادية كبيرة داخل البلاد.
وفي الختام، شدد شقاقي شهري على الحاجة الملحة لإصلاحات في سياسات البنك المركزي، مؤكدًا أن انتشار استغلال النفوذ في الاقتصاد الإيراني ينبع من ضعف السياسات النقدية. وحذر من أن هذا الاستغلال المنظم، إلى جانب أشكال أخرى من الفساد المنهجي، يواصل تقويض استقرار إيران الاقتصادي