فوائد لغوية

اللغة العربية

النسب إلى الجمع:

الأصل في النسب أن يكون للمفرد، وللمذكَّر الذي مؤنَّثه بإضافة تاء مربوطة إليه، أو بحذف التاء المربوطة من المؤنَّث، فننسب إلى “عطور” بـ”عطريّ”، وإلى “صورة” بـ”صُورِيّ”، وإلى “احتمالات” بـ”احتماليّ”، وإلى “أستاذ” و”أستاذة” و”أساتذة” بـ”أستاذي”. فالنسب يكون للمفرد المذكَّر في الأساس.

وهذا لأن النسب إلى هذا المفرد المذكَّر يكفي لوضوح صفات المنسوب، فصفات الشيء أو الأمر “الأستاذي” متوافرة في المفرد المذكر “أستاذ”، فلا داعي لتحميل الكلمة ما لا تحتاج إليه، بوضع علامة التأنيث قبل ياء النسب، أو بالنسب إلى الجمع.

ولكن في بعض الحالات نُضطر إلى النسب إلى الجمع، إذا كان النسب إلى المفرد لا يعطي المعنى المطلوب، أو لا يعطي الصفات المكتملة للمنسوب.

مثلًا يسمَّى بائع الكتب “الكُتُبيّ”، لأن النسب إلى “كتاب” لا يكفي لإعطائه صفة بيع “الكتب”، كما أن النسب إلى المفرد سيكون “كتابيّ”، وهو لفظ أُطلِق على المسيحيين واليهود لأنهم من “أهل الكتاب”.

وليتضح الأمر أكثر انظر إلى الفرق بين “الساحليّ” و”السواحلي”، فالأول هو ما يقع على الساحل، أما الثاني فهو ما أو مَن يتنقّل بين السواحل، وتُطلَق في الغالب على جنود وحرس السواحل.

وفي بعض الحالات نُضطرّ إلى النسبة إلى المؤنث، وذلك إذا حمل هذا المؤنث أكثر من معنى، وأردنا التفرقة بين معنيين في حالة النسب. انظر مثلًا إلى كلمة “حياة”، الأصل في النسب إليها أن نحذف التاء المربوطة، ثم نردّ الألف إلى أصلها (الواو) ثم نضيف ياء النسب، فنقول: “حيويّ”.

ولكن هذا النسب يُقصَد به الأمور الفسيولوجية، كالتنفس والحركة وما إلى ذلك. فماذا عن الأمور الخاصة بالحياة اليومية، كالبيع والشراء والعمل، وما إلى ذلك؟ لهذا فإننا في هذه الحالة ننسب إلى الكلمة كما هي، دون حذف التاء، فنقول: “الأمور الحياتيَّة”.

كذلك قد يُنسَب إلى الجمع لانتشار اللفظ منسوبًا إلى الجمع قبل دخوله مُعجَم الكلام المكتوب، ومن ذلك كلمة “بناتيّ – نسائي – رجاليّ – أطفالي – إلخ”، لأن النسب إلى المفرد (بِنْتِيّ – امْرَأَتِيّ/امرئيّ – طِفْلِيّ – رَجُليّ) لن يوحي بالمعنى المطلوب.

ببساطة يمكننا القول إن النسب أصله أن يكون إلى المفرد المذكَّر، ولكن هذا ليس قاعدةً قياسيةً، وإن كثيرًا من الكلمات يُنسَب إليه على غير ذلك، حسب السياق والحالة والقَبول العامّ للكلمة وإفصاحها عن المعنى المطلوب منها.

أذكر من ذلك أن القياس في النسب إلى كلمة “طَبِيعَة” هو “طَبَعِيّ”، بفتح الطاء والباء، وكسر العين، كما في “قبيلة” و”قَبَلِيّ”، و”عقيدة” و”عَقَدِي”، ولفظ “طَبَعِيّ غير مشهور ولا منتشر مقارنةً بـ”طَبِيعِيّ”، لهذا فقد أقرَّ مجمع اللغة العربية لفظ “طَبِيعِيّ” وأورده في المعجم الوسيط.

المصدر: صفحة نحو وصرف

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights