كشف تقرير صادم أصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الشهر الماضى أن القوات الإسرائيلية ارتكبت أفعالًا ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عدوانها المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر ألفين وثلاثة وعشرين حيث أدى هذا العدوان إلى وفاة أربعمائة واثنين وسبعين مريضًا من أصل ألف ومئتي مريض بالفشل الكلوي بنسبة فاقت واحدًا وأربعين بالمئة كما دمرت قوات الاحتلال ثمانية وسبعين جهاز غسيل كلوي من أصل مئة وأربعين جهازًا ما حرم المرضى من خدمات حيوية هي وحدها القادرة على إبقائهم على قيد الحياة
جاء التقرير تحت عنوان مرضى الفشل الكلوي بلا رعاية صحية موثقًا ما وصفه بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني تشمل حصار المستشفيات واقتحامها وقتل واعتقال الأطباء والمرضى وتدمير البنية الطبية بالكامل ومنع إدخال الوقود اللازم لتشغيل الأجهزة وهي ممارسات تنتهك بوضوح اتفاقيات جنيف وميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية الذي يصنف هذا النوع من الأفعال ضمن جرائم الإبادة الجماعية
وبحسب ما أورده التقرير فقد تم تدمير ستة من أصل سبعة مراكز متخصصة في غسيل الكلى بشكل واسع النطاق مما أدى إلى خروجها عن الخدمة في محافظتي غزة والشمال والوسطى والجنوب فيما تبقى اثنان وستون جهازًا فقط تعمل بكفاءة منخفضة وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الأساسية ما قلّص خدمات الغسيل إلى النصف وعرض حياة مئات المرضى لخطر الموت المحقق
وأشار المركز إلى أن غالبية الوفيات وقعت في محافظتي غزة والشمال بسبب تدمير مراكز الغسيل ومنع المرضى من الوصول إليها وقد اضطر كثير من المرضى إلى النزوح نحو الوسطى والجنوب بحثًا عن جلسة غسيل واحدة أسبوعيًا وسط ظروف وصفتها الشهادات الواردة في التقرير بالكارثية وأكد التقرير أن بعض المرضى توفوا بعد أن تم تقليص جلساتهم من اثنتي عشرة ساعة أسبوعيًا إلى أربع ساعات فقط ما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية بشكل سريع
وذكر التقرير أن عدد المرضى الذين يتلقون العلاج حاليًا يبلغ سبعمئة وثمانية وعشرين شخصًا موزعين على أربعة مراكز فقط استطاعت استئناف عملها جزئيًا رغم الأضرار الجسيمة وهي مستشفى الشفاء بغزة ويستقبل مئتين وثمانين مريضًا ومستشفى الزوايدة الميداني لخمسين مريضًا ومجمع ناصر الطبي بخان يونس لمئتين وستين مريضًا ومستشفى شهداء الأقصى بدير البلح لمئة وثمانية وثلاثين مريضًا
وحمل التقرير قوات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن وفاة مئات المرضى وتدهور الحالة الصحية لآلاف المدنيين مشددًا على أن إسرائيل بصفتها قوة احتلال مطالبة قانونًا بموجب اتفاقيات جنيف بتوفير الرعاية الصحية للمدنيين لكنها بدلًا من ذلك اتبعت نهجًا متعمدًا لتدمير النظام الصحي في قطاع غزة ضمن سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية على حد وصف التقرير
وختم التقرير بتوصية عاجلة للمجتمع الدولي يدعوه فيها إلى التحرك الفوري لوقف ما وصفها بجريمة الإبادة الجماعية التي تستهدف مرضى الفشل الكلوي عبر حرمانهم من أبسط حقوقهم العلاجية كما دعا إلى السماح الفوري بإدخال أجهزة الغسيل والأدوية والمستهلكات الطبية والعمل على توفير بدائل علاجية داخل وخارج قطاع غزة وإنقاذ ما تبقى من أرواح تقاوم الموت في صمت تحت الحصار