فيصل الأنصاري يكتب: أين المفر!؟
(أيُّهَا النَّاس إلى أينَ المَفَر؟ البَحرُ وَرَائَكُم وَالعَدُوُّ أَمامَكُم،)
انطلى على كثير من المسلمين أسطورة تأريخية مشهورة وهي عنوان هذه المقالة
حيث ان الكثير من المسلمين يظنون أن طارق بن زياد فاتح الأندلس قام بحرق السفن التي وصل على ظهرها الى شواطئ الأندلس
أود وفي هذه المقالة أن أسرد وبشكل مفيد دلائل بطلان ما يقال من حرق السفن والخطبة المشهورة.
في أواخر شهر أبريل عام 711 من الميلاد المُوافقة لِسنة 92 هجري وصلت السفن الإسلامية
الى شواطئ شبه الجزيرة الأيبيرية (الأندلس) بقيادة طارق بن زياد بعد الاتفاق مع حاكم سبتة الذي ساعد المسلمين بسفنه نكايةً بملك اسبانيا آنذك لذريق
بعد معرفتكم لما مضى من الأحداث نصل الآن الى الحادثة التي بسببها كتبت هذه المقالة وهي (حادثة حرق السفن)
انتشر بين الكثير من المسلمين أن طارقً قام بحرق السفن التي وصل بها لكي يضمن عدم تراجع المسلمين
وهذه حادثة مكذوبة على القائد المسلم طارق بن زياد ولعدة أسباب سنذكر
بعضاً منها:
1- لا يوجد مصدر إسلامي واحد معاصر لتلك الأحداث يروي هذه الحادثة نحن نعلم والعدو يشهد لنا قبل الصديق أن المسلمين كانوا صادقين في حمل وكتابة الأحداث التاريخية فكيف لم يكتبوا هذه الحادثة مع أنها مشهورة في الكتب الغربية!
2- إذا قلنا إن المصادر الإسلامية ليست مُلزمةً للغرب المسيحي فالعجيب أيضًا إنه لا يوجد مصدر أوروبي معاصر لتلك الاحداث كُتب فيها إن طارقً قام بحرق السفن!
3- أن أول كتاب أرخ هذه الحادثة كُتِبَ بعد قرون من الفتح الإسلامي!
– إن السفن ليست مُلكاً للمسلمين أصلاً بل هي ملك شخصي لحاكم سبتة الكونت يوليان فلا يحق لطارق التصرف فيها كيفما شاء!!.4
5- إذا كان سبب حرق السفن هو عدم هروب المسلمين كما يقول الغرب فهذا وبكل بساطة كلام عار عن الصحة لأن الجندي المسلم إذا كان يريد الهروب من البداية لهرب الى مدن وقرى إسبانيا!
6- أنه لا يوجد مصدر من هذه المصادر تروي لنا ماذا حصل بعد ذلك هل قام المسلمون باعطاء الكونت يوليان سفن جديدة مقابل السفن التي تم حرقها أو هل أصدر موسى بن نصير أو الخليفة الوليد بن عبد الملك أمراً بتعويض يوليان مقابل سفنه المحروقة!! الجواب طبعاً لايوجد لديهم أي مصدر.
7- أن طارقًا كان باستطاعته أن يأمر السفن بالرجوع الى سبتة فهو ليس مجبوراً على حرقها لكي يُبعدها!!
ويكون بذلك وصل الى غايته المرجوة من حرق السفن
8- أن طارق بن زياد كان يتوقع ان يصله مدد من الجند من المغرب فكيف يحرق وسيلة وصول المدد اليه وكأنه يقول لا أريد مدداً!
9- أنه وبعد انتهاء معركة وادي لكة المعروفة بوادي برباط الشهرية وانتصار المسلمين فيها عبر موسى بن نصير بجيشه لمساعدة طارق
في فتح المدن الاسبانية. السؤال هو كيف عبر موسى بن نصير البحر من المغرب الى اسبانيا بدون سفن!
10- إن الخليفة كتب وصيته إلى طارق بن زياد عندما سمح له بعبور البحر وكان في مضمون تلك الوصية إنه إذا ما دعته الضرورة للانسحاب لينسحب بحكمة وذكاء بحيث لا يعرض الجيش الاسلامي للهلاك فهل قام طارق بن زياد بعصيان أمر الخليفة!!
ولماذا لم يقم الخليفة بمعاقبة طارق لأنه عصى أمره ووصيته!
11- أن حنكة وذكاء طارق ليست بالتي تدله على فعل كهذا فقد كان رحمه الله مشهوداً بقوة العزيمة وحب الجهاد وكذلك عُرف عن جيش المسلمين الذاهب الى اسبانيا فهم لم يجبرهم احد على خوض هذه المعركة بل هم جاءوا مجاهدين طالبين الشهادة في سبيل الله فهل يعقل أن أمثال هؤلاء يفكرون بالهروب من أمام عدوهم!
12- أن موسى بن نصير وطارق بن زياد كان لديهم خطة بمواصلة الفتح حتى روما في إيطاليا فهل قام طارق بحرق السفن التي من المفروض أن تساعده في مواصلة فتوحاته في اوروبا.
13- إن طارق قام بإرسال فرقة استطلاعية استكشافية الى الأندلس قبل عبور الجيش فهو كان يعلم مسبقاً من المعلومات التي وصلته قوة العدو الذي أمامه فكيف نقول فيما بعد أنه خاف من قوتهم!
14- لا يوجد أي تعليق أو فتوى صادرة من علماء المسلمين بخصوص حرق السفن!
لو كان طارق حرق السفن فهو بالتالي حرق أموال وحق المسلمين معها فهل يعقل أن تمر هذه الحادثة دون تعليق من علماء المسلمين!
قد يتساءل البعض لماذا يقوم الغرب بفعل كهذا؟! ما هو الهدف؟!!
15- الغرب حتى اليوم لا يستطيع استيعاب أنه كيف لـ اثنا عَشَرَ ألف مقاتل من البدو هزيمة مئة ألف من الفرسان المدججين بالحديد والسلاح
لذلك يقومون بالتغطية على هزيمتهم بقول إنهم كانوا مجبرين على القتال.
16- إن جيش الملك لذريق كان مصيره الهزيمة لأنه أجبر الناس على المشاركة معه في القتال وكان جنوده مُكرهين على القتال منذ البداية
وما إن حمي الوطيس حتى وَلو هاربين وفارين من أرض المعركة.
بعد كل هذا تبين لنا ولكم الان بطلان هذه الرواية او الحادثة
نأتي الآن الى الرواية الثانية الا وهي خطبة طارق بن زياد في جيشه!!
التي من ما ورد فيها قوله (أيُّهَا النَّاس إلى أينَ المَفَر؟ البَحرُ وَرَائَكُم وَالعَدُوُّ أَمامَكُم،)
فهذه الرواية أيضاً لا يصح إسنادها الى طارق لأننا لسنا متأكدين من أن طارق بن زياد قال هذه الخطبة
لأنه وبكل بساطة طارق بن زياد أمازيغي الأصل وليس عربياً والجيش الذي عبر معه جُلهم من الأمازيغ فكيف يعقل أن يُلقي عليهم
خُطبة باللغة العربية وتحتوي على كل تلك المفردات العربية الفصيحة!!
في الأخير أود أن أقول ان الغرب المسيحي لم يدخر جهداً في تشويه سُمعت الفاتحين المسلمين لكي يبرر بدوره هزيمته أمامهم
و يصدق المسلمون رواياتهم إما عن طريق المسلسلات و الأفلام أو المسرحيات التمثيلية
التي تعتمد في مصادرها على الدراما والتشويق بدل من الأدلة التاريخية.