في ذكرى وفاته: “الملك فاروق” لم يكن شيطانا ولا ملاكا

لنتفق أولا: أن العواطف لا تصنع “تأريخًا” (لا تنس الهمزة، فالهوّة شاسعة بين التأريخ والتاريخ)..

واعلم أن مشاعر الحُب والكراهية لا تبني “بحثا” صحيحًا إلا في أمور العقيدة، لأنه فرض..

وثانيا: أن يكون طرح القضايا لوجه الله.. وأن تكون الأمانة البحثية هي المعيار، بعيدا عن الاتجاهات الفكرية والأيديولوجية.. حتى لو اختلفتَ مع تلك الشخصية، وخاصةً عندما تتعلق بأناسٍ رحلوا، ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، وليس لهم مَن يدافع عنهم، فالكلمة أمانة..

…….

(فاروق بن فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا)

الميلاد: 11 فبراير، 1920م، القاهرة، مصر

الوفاة: 18 مارس 1965م، روما، إيطاليا

– خلفَ والده الملك فؤاد، على عرش مصر، بعد رحيل الملك فؤاد في أبريل 1936م، ولكنه كان صبيًّا لم يبلغ السن التي تؤهله للحُكم، فتشكّلَ مجلس وصاية من: الأمير محمد علي، وعزيز عزت باشا، وشريف صبري باشا، إلى أن تسلّمَ سلطاته الدستورية كاملة في 29 يوليو 1937م، .

– حكمَ مصر من 28 أبريل 1936م، إلى أن تنازل عن العرش في 26 يوليو، بعد انقلاب الضباط في 1952م.

– مات الملك فاروق مسمومًا في مطعم “إيل دي فرانس” المشهور فى مدينة روما الإيطالية، على يد ضابط المخابرات المصرية: “إبراهيم البغدادي” الذي دسّ له السم في الشراب

(من اعترافات إبراهيم البغدادي مع الصحفي محمود فوزي، رغم أنه حاول بعد ذلك أن ينفي كلامه).. ويقول الصحفى الراحل محمود فوزى إن البغدادي تنكّرَ فى زيّ (جرسون) فى المطعم الذى كان يتردد عليه فاروق، وقام بدسّ السم في الطعام الذي تناوله فاروق ليموت بعدها، وتناقضت الروايات في هذا الشأن، لكنها أجمعت أن فاروق مات مقتولا بنوع من السمّ الذي لا تملكه سوى أجهزة المخابرات..

– لم يكن فاروق ملاكا، ولا شيطانا، ولكنه بَشَر، نجحت الآلة الإعلامية لجمال عبدالناصر في تشويه صورته، حتى أصبح معظم المصريين يتعاملون مع هذه الأكاذيب كحقائق وثوابت.. مثل أكذوبة علاقاته النسائية، وأكذوبة شراهته في الطعام، وكثرة تناوله للخمور، وأنه كان يشرب (عصير الحَمام).. يطبخون حوالي 60 حمامة يوميا (على الريق) ويتم عصرهم، والخلاصة تكون (كوب عصير حمام) يشربه الملك يوميا فَور استيقاظه!!!

كما أشاعوا أيضا أن شعر صدره كان ينفذ من ملابسه عندما يغضب،،

كل تلك التخاريف لا أساس لها من الصحة..

فرجال القصر أكدوا أنه لم يشرب الخمر في حياته قَط، وكانت عنده مشاكل صحية تمنع إفراطه في الطعام، بالإضافة إلى عجزه الجنسي، وهذا يفـنّـد أكاذيب إعلام عسكر يوليو الذي (قرطس) الشعب المصري، وما زال كهنته يواصلون المسيرة حتى الآن …بعد أن تدهوَر وتدمّرَ الاقتصادي المصري، والمستوى العام، منذ ظهورهم في 1952م..

– كانت مصر في عهد فاروق هي الأولى في تصدير القطن والقمح، والصادرات الزراعية المختلفة، ولم تعرف مصر استيراد القمح والأرز إلا في وجود العسكر،، وعندما ترك فاروق الحُكم كانت مصر دائنة لبريطانيا بمبلغ (340 مليون) من الجنيهات،، وكان الجنيه المصري يساوي (1 جنيه ذهب و5 تعريفة)

وأقرضَ فاروق بريطانيا ما يعادل الآن (29 مليار دولار أمريكي) بعد الحرب العالمية الثانية،، وكان الجنيه المصري في عهد فاروق يساوي (4 دولارات)، أما العملات العربية، فلم يكن لها وجود أمام الجنيه المصري، والكلام في الاقتصاد يطول، لكنني لستُ متخصصا فيه..

– مات الملك فاروق بن فؤاد، مقتولا على يد ضباط يوليو، ولم يكن أكمل 45 سنة من عمره.. رغم أنه ترك لهم كل شيء، وتنازل عن الحُكم طواعية، ولم يتردد لحظة واحدة، رغم رفض الحرس الملكي الشرس وأقوى سلاح في الجيش..

كان فاروق يستطيع أن يقاوم ويستعين ببريطانيا، لأن معه حوالي 90% من الجيش. (حسب كلام اللواء جمال حمّاد المؤرخ العسكري وعضو قيادة الثورة)

وكان الحرس الملكي بمفرده قادر على قتل كل المتمردين والسيطرة على هذا التمرد في أقل من ساعة.. ولكنه تركها لهم (يشبعوا بيها).. وقال فاروق كلمته الخالدة: (إن نقطة دم مصرية أغلى عندي من كل عروش الدنيا)…

– فاروق لم يكن ملاكا، ولا شيطانا، ولكنه (حاكم مصري) له سلبيات كثيرة، وإيجابيات أكثر.

وكما يقول المنافقون في زماننا هذا: (لهُ ما لهُ، وعليهِ ما عليه)

———

المصادر:

1- (سنوات مع الملك فاروق.. شهادة للحقيقة والتاريخ) د. حسين حسني، سكرتير الملك فاروق.

2- (فاروق من الميلاد إلى الرحيل) د. لطيفة محمد سالم، أستاذ التاريخ بجامعة بنها

3- (نهاية الملكية.. عشر سنوات مع فاروق) كريم ثابت، المستشار الصحفي للملك فاروق.

4- (فاروق كما عرفته) مذكرات كريم ثابت.

5- (فاروق.. المَلِك الذي غدر به الجميع) عادل ثابت

6- (مصر بين المَـلِك والصعاليك) أحمد أمين العطار

————

يسري الخطيب

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights