السبت أكتوبر 26, 2024
الأخبار

قتل واغتصاب بقرى ولاية الجزيرة وسط السودان بنيران «الدعم السريع»

مشاركة:

في الوقت الذي أكّد متطوعون ناشطون في مجال جهود إغاثة ضحايا الحرب بالسودان؛ قيام ميليشيات «الدعم السريع» بقتل (50) مدنيًا وإصابة أكثر من (200) آخرين، ضمن ضحايا قرية واحدة في ولاية الجزيرة وسط البلاد التي اجتاحتها الميليشيات الجمعة (25/ 10/ 2024م)؛ تفيد تقارير صحفية وحقوقية بأن أكثر من (30) قرية شرق الجزيرة هاجمتها الميليشيا وهجّرت سكانها قسرًا، فضلاً عن تسجيل العديد من حالات اختطاف الفتيات والعنف الجنسي.

وبينما اتهمت وزارة الخارجية السودانية «الدعم السريع» بشن هجمات انتقامية على قرى وبلدات شرقي ولاية الجزيرة المتاخمة للخرطوم من الناحية الجنوبية، بعد انشقاق قيادات منها منتمية لتلك الولاية وانضمامها إلى الجيش؛ وصفت الوزارة هذه الهجمات بأنها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

وأمسى المشهد في قرى شرق ولاية الجزيرة وسط السودان في الأيام الخمسة الماضية؛ وهو يعج بصور قتلى ونازحين، ومنازل وقرى خاوية على عروشها، وجثث على الطرقات، واختفاء لمعالم الحياة، حيث يقول الأهالي: إن من لم يخرج بإرادته سيخرج رغمًا عنه، ليس بسبب الذل، والإهانة والاعتداء فقط، بل سيخرجهم الجوع، في وقت تشهد قرى شرق الجزيرة انتهاكات واسعة من جانب «الدعم السريع» عقب معارك مع الجيش السوداني والكتائب المساندة له، بعدما كان الميليشيا قد سيطرت على مدينة (تمبول) في الثاني والعشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري واتخذت منها منطلقًا لشن هجماتها على عدد من قرى شرق الجزيرة.

وتؤكد تقارير محليّة بأن عدد الضحايا في المدينة المذكورة تجاوز (300) قتيل بينهم نساء وأطفال، وأن الجثث الملقاة على الطرقات تزيد من صعوبة إجراء حصر دقيق حتى الآن، لمغادرة المواطنين المدينة، وقد وثقت هذه التقارير ثلاث حالات اغتصاب لكوادر طبية، بجانب استخدام المواطنين كرهائن، حيث أقدمت ميليشيا «الدعم السريع» على بعض حالات الاحتجاز القسري وطلبت فدية مالية، وذلك بإجبار المختطفين على تسجيل مقاطع فيديو ومناشدة ذويهم دفع فدية مالية تتراوح بين (5 -50 ) مليون جنيه سوداني أي ما قيمته (2000 – 19 ألف) دولار.

انتهاكات وقتل مفرط

في ظل ذلك؛ وبينما تستمر نداءات الاستغاثة التي يطلها أهالي قرى (الجزيرة)؛ تواصل ميليشيا «الدعم السريع» هجومها بالأسلحة الثقيلة على المدنيين، وقد اقتحمت هذه القوات منذ فجر الجمعة (25/ 10/ 2024م) قرية (السريحة) التابعة لمحلية (الكاملين) شمالي (الجزيرة) ونصبت أسلحتها ومدافعها أعلى المباني وأطلقت النار صوب المواطنين العزل، وقُتل بسبب ذلك نحو (50) شخصًا وأصيب أكثر من (200) آخرين، وقد تداول ناشطون مقاطع تُظهر أكداسًا من الجثث بالتوازي مع مقاطع أخرى يظهر فيها عناصر «الدعم السريع » وهم يمارسون انتهاكات بحق الأهالي بينهم كبار في السن تعرضوا للإذلال وبطريقة مهينة.

وتشير مصادر محلية إلى أنه وبالتزامن مع هجوم «الدعم السريع » على شرق (الجزيرة) وقعت حوادث في قرى وسط الولاية ، قتل على إثرها عشرات بينهم أطفال ونساء، مع التهجير الكامل للمواطنين والعنف المُفرط، ونهب الممتلكات وحرق المحاصيل الزراعية، ومع ذلك؛ تؤكد المصادر مرة أخرى صعوبة الإحصاء الدقيق للضحايا والخسائر الناجمة عن الهجوم لانقطاع شبكة الاتصالات واستمرار محاصرة العديد من القرى في الولاية الأمر الذي يحول دون إمكانية إخراج المصابين بسبب القصف والقنص.

من جهتها؛ دعت نقابة أطباء السودان الأمم المتحدة إلى الضغط من أجل إقامة ممرات إنسانية آمنة للوصول إلى سكان قرى ولاية (الجزيرة)، وأكدت أنهم يتعرضون لإبادة جماعية من قبل مليشيات «الدعم السريع » لا سيّما مع عدم إمكانية لإسعاف المصابين أو حتى إخراجهم لتلقي العلاج، بعدما أرغمت جميع المراكز الطبية تقريبًا على إغلاق أبوابها.

جرائم اغتصاب وعنف جنسي

وفي هذا السياق؛ كشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة عن تسجيل (20) حالة اغتصاب وقعت أثناء هجمات «الدعم السريع» طوال الأسبوع على قرى شرق (الجزيرة)، وقالت الوحدة في تعميم أصدرته بهذا الخصوص: إنها توصلت بتقارير غير مؤكدة عن حالات عنف جنسي ضد نساء وفتيات على يد عناصر من «الدعم السريع » في بعض القرى، عقب تصاعد وتيرة الانتهاكات ضد المدنيين في شرق (الجزيرة)، فضلًا عن حالات عنف جنسي ضد مقدمات الخدمة الصحية في أحد المرافق على الأقل.

وبحسب الوحدة؛ فإن التقارير الأولية تشير إلى استخدام «الدعم السريع » العنف الجنسي والاغتصاب ضمن تكتيكاتها الحربية أثناء النزاع، بهدف إهانة الرجال وإضعاف المجتمعات وإجبارها على إخلاء المنازل وتهجيرها قسريًا، في حين تعاني منظومة الخدمات الصحية وجهود التصدي والاستجابة لحالات العنف الجنسي؛ من تحديات أثر على رصد الحالات التي لم تخف وتيرتها لكن عوائق كثيرة ظهرت في طريق توثيقها منذ منذ اجتياح «الدعم السريع» لولاية (الجزيرة) في ديسمبر 2023م، والتي باتت قراها تحت وطأة الهجمات العنيفة وواسعة النطاق من بينها عمليات قتل جماعي على أساس الهوية.

أمّا «لجان مقاومة مدينة الحصاحيصا» في ولاية الجزيرة -وهي مجموعة تضم متطوعين ناشطين بجهود إغاثة ضحايا الحرب- فقد أكّدت أن قريتي (السريحة) و(أزرق) تتعرضان لهجمات شملت استهدافات بالقناصة والقصف المدفعي، وأدت –كما ورد آنفًا- إلى مقتل (50) من سكان قرية (السريحة) وإصابة أكثر من (200) آخرين، مضيفة إلى أن المنطقة تشكو من انعدام كامل للمعونات الطبية والصحية مع عدم إمكانية إخراج المصابين منها؛ بسبب هجمات «الدعم السريع» المتواصلة، وأضافت اللجان أن قرية (أزرق) تشهد حصارًا كاملاً تمارس فيه قوّات «الدعم السريع» الانتهاكات نفسها التي تحدث في قرية (السريحة)، دون أن تتوفر معلومات عن أعداد الضحايا هناك.

ومنذ منتصف شهر أبريل 2023م، يخوض الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» حربًا خلّفت أكثر من (20) ألف قتيل وما يزيد على (11) مليون نازح ولاجئ، ومعاناة أكثر من (25) مليون شخص من الجوع الحاد؛ وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، بينما تتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين من الناس إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى (13) ولاية من أصل ولايات البلاد الثمانية عشر في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.

Avatar
صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *