قرأتُ لك: “نصارَى الشرق وأزمات الأمة التاريخية”
أغلب نصارى الشـرق كان لهم دورٌ مخزي وقتَ الأزمات الفاصلة التي مرتْ بها الأمة، ويحكي د. سعيد عبد الفتاح عاشور أن المسيحيين في حلب وحارم علموا خطةَ المسلمين “فأرسـلوا سـراً إلى الصليبيين يخبرونهم بكلّ تلك التفاصيل حتى لا يُؤخَذون على غِرةٍ”… أهـ الحركة الصليبية جـ1 صفحة 200
ويقول إن نصارى بيت لحم ذهبوا مسرعين إلى الصليبيين بعد هزيمة المسلمين في الرملة لينصحوهم بالإسراع لاحتلال القدس لأنها فارغةٌ وقبل أن تصلَها النجداتُ الإسلامية، فيقول:
(وفي 6 يونيه سنة 1099م، وفي الطريق التقوا ببعض المسيحيين الوافدين من بيت لحم، وهؤلاء اسـتحثوا “جودفري” – قائدَ الصليبيين – على الإسراع إلى بيت المقدس؛ لأن الفاطميين يتوعدون المسيحيين ويتأهبون للثأر منهم، لذلك أرسل “جودفري” فرقةً من الفرسان إلى بيت لحم حيث استقبلَهم المسيحيون على اختلاف مذاهبهم استقبالاً حافلاً مهللين بأن ساعةَ الخلاصِ قد حانتْ، وأنهم جميعاً أتباع المسيح ورعاياه، لا فرقَ بين كاثوليك وأرثوذكس وسِريان)… أهـ صفحة 240
وحين دخل التتارُ دمشق عام 658 هـ يقولُ الحافظُ ابنُ كثير:
(وذهب طائفةٌ من النصارى … ودخلوا من باب تُوما ومعهم صليبٌ منصوبٌ يحملونه على رؤوس الناس، هم ينادون بشعارهم ويقولون: ظهر الدينُ الصحيحُ دينُ المسيح، ويذمون دينَ الإسلام وأهله، ومعهم أواني فيها خمرٌ لا يمرون على باب مسجدٍ إلا رشُّـوا عنده خمراً، وقماقمُ ملآنةٌ خمراً يرشُّـون منها على وجوهِ الناس وثيابهم، ويأمرون كلَّ منْ يجتازون به في الأزقة والأسواق أن يقومَ لصليبهم، … فوقف خطيبُهم إلى دِكَّة دُكانٍ في عَطْفَة السوق فمدح دينَ النصارى وذمَّ دينَ الإسلام وأهلَه، ثم دخلوا بعد ذلك إلى كنيسة مريم… وضربوا بالناقوس في كنيسة مريم ودخلوا إلى الجامع بخمرٍ وكان في نيتهم إن طالتْ مدةُ التتار أن يُخرِّبوا كثيراً من المسـاجد وغيرَها، ولما وقع هذا في البلد اجتمعَ قضاةُ المسلمين والشهودُ والفقهاء فدخلوا القلعة يشكون هذا الحال إلى متسلمها فأُهينوا وطُرِدوا، وقدَّم كلامَ رؤساءِ النصارى عليهم)… أهـ البداية والنهاية جـ15 صفحة 350
وفي كتابه “جهاد شعب فلسطين” ينقلُ الباحثُ الدكتور “صالح مسعود بوصير” صفحة 67 أن كنائسَ القدس قرعتْ أجراسَها فرِحَـاً حين دخل الجيشُ البريطاني القدسَ عام 1917 أثناء الحرب العالمية الأولى، والعجيب أن سيطرة بريطانيا على فلسطين كانتْ هزيمةً للدولة العثمانية ولألمانيا في تلك الحرب، ومع ذلك فقد قَرَعتْ كنائسُ ألمانيا أجراسَها فرِحاً بهذا الحدث، فعداؤهم لبريطانيا مؤقتٌ أما عداؤهم للإسلام فأصيلٌ ودائم.