قرأتُ لك: “يهود البلاد العربية”
إنّ مقاومة الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين، لم تتوقّف يوماً، وإن تنوّعت أساليبها من الكلمة إلى البندقية، مع أنّ هذا المحتل لا يفهم إلّا لغة القوة. وجاءت أحداث غزة الحالية لتثبت مرّة أخرى ضرورة إعادة قراءة تاريخ المنطقة، من أجل الكشف بأنّ تخبّط العرب؛ هو ما سمح لكيان كهذا بأن يوجد. وإنّ استمرار التشتّت العربي سيؤدّي إلى ضياع القضية الفلسطينية كليّة.
إنّ الأجيال الشابة من العرب قد يُدهشها ويفاجئها تسمية أحد الأحياء في مدنها العربية بالحي اليهودي، فأين ذهب سكان هذا الحي؟ وهل اليهودي هو الصهيوني؟ فإذا كان كذلك! فكيف سمحنا بوجوده بيننا! وإن لم يكن، فكيف تخلّينا عن مواطن من بلدنا، لنتركه نهباً للصهيونية، فقط لأنّه يدين باليهودية!
يأتي كتاب د. خيرية قاسمية: (يهود البلاد العربية) الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية لعام 2015 كجواب عن الأسئلة التي أثرناها أعلاه، حيث تُقدّم فيه بانوراما تاريخية عن وجود اليهود في البلاد العربية، منذ لحظة ظهور الديانة اليهودية مع النبي إبراهيم، حتى السنين الأولى من القرن الواحد والعشرين. كما تسلّط الضوء على وجود اليهود العرب في فلسطين، والذين هاجروا إلى الكيان الصهيوني منذ بدايات القرن العشرين، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية، استغلتها الصهيونية العالمية لتحقيق مآربها.
وقد بيّنت في كتابها الطبقية والعنصرية التي مارسها اليهود الغربيون (الأشكناز) تجاه اليهود العرب، والمعاناة التي عاشوها بعيداً عن بلدانهم الأصلية، ممّا دفع الكثير من اليهود العرب ومفكّريهم لإعادة تبنّي مصطلح: (اليهود العرب) في مقابل المصطلح الذي صكّته الصهيونية: (المزراحيم/اليهود الشرقيون)، وذلك لأنّ اليهود العرب لهم تراثهم العربي الأصيل، واستبداله بعادات وأعراف اليهود الغربيين سيؤدّي إلى محوهم وطمسهم في المجتمع الإسرائيلي.
هذه التناقضات التي وجدها اليهود العرب في المجتمع الإسرائيلي دفعتهم إلى أن يعلنوا عن انتمائهم لثقافتهم العربية، كالمفكّر سامي شالوم شطريت، ونعيم جلعادي، وإيلا شوحط، وديفيد ربيعة. حيث بدأت الأصوات اليهودية العربية تكشف عن مطالبها بضرورة رفع الحيف عنها، هكذا بدأنا نجد في الدراسات التاريخية صدى لهذه المطالب، فيكشف الباحث يئير أورون أستاذ التاريخ في الجامعة المفتوحة في “إسرائيل” في كتابه: (المحرقة والنهضة والنكبة) عن أنّ الكيان الصهيوني ينكر الحقائق التاريخية ويمنع أي حوار بين الرواية الإسرائيلية والروايات المعارضة لها.