وسط أجواء من التوتر السياسي والاجتماعي المتصاعد، عادت مشاعر القلق لتخيّم على الجالية المسلمة في الولايات المتحدة،
وذلك عقب سلسلة من أعمال التخريب استهدفت عددًا من المساجد في ولايتي تكساس وكاليفورنيا. رسومات وعبارات معادية، ورموز دينية على جدران بيوت الله، أيقظت في ذاكرة المسلمين مشاهد مؤلمة من فصول سابقة لجرائم كراهية لطالما ارتبطت بتصاعد خطاب الإسلاموفوبيا.
لكن هذه الحوادث ليست مجرد أعمال فردية معزولة، بل تأتي ضمن نمط آخذ في التكرار، وتعيد إلى الواجهة سؤالًا مقلقًا: هل عادت موجة العداء المنظم للمسلمين في أميركا؟.وما الذي يمكن فعله لمواجهة هذا التحدي المتجدد؟.
من خلال تتبع الأحداث الأخيرة والعودة إلى حوادث مماثلة في السنوات الماضية، يستعرض هذا التقرير أبعاد الأزمة، ويناقش الرؤية المجتمعية والحلول الممكنة لحماية المساجد وضمان حرية العبادة للمسلمين في وجه الكراهية المتنامية.
أحداث التخريب والمواجهة الراهنة
في ولاية تكساس الأميركية تحديدًا في مدينة أوستن، تعرّض عدة مساجد في ليلة واحدة خلال مايو 2025 إلى تخريب، حيث وُجدت رموز نجمة داود ورموز معادية للمسلمين مرسومة بالرش على جدرانها. هذه الأعمال أثارت مخاوف من “نمط مقلق من حوادث بدافع الكراهية” وفق تصريحات مجلس العلاقات الإسلامية‑الأميركية (CAIR) في أوستن (الجزيرة نت ).
كما طالت أعمال التخريب المركز الإسلامي في جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلوس، حيث وُجدت رسومات مشابهة على جدرانه الخارجية. ووصفت إدارة المركز هذه الحادثة بأنها “شعرت وكأنها هجوم”، في ظل الأزمة في غزة (24‑د ب أ ).
وبحسب تصريحات نائب المدير الوطني لمجلس العلاقات الأميركي الإسلامي، إدوارد أحمد ميتشل، فإن السنتين الماضيتين كانتا بالغتي الصعوبة على المسلمين الأميركيين بسبب تصاعد الإسلاموفوبيا والتعصب ضد المسلمين والفلسطينيين (الجزيرة نت ).
حوادث مشابه من السابق
حوادث تخريب المساجد في الولايات المتحدة ليست جديدة، فقد تم تسجيل حوادث مشابهة خلال السنوات الماضية، أبرزها محاولة حرق مسجد تريسي في كاليفورنيا يناير 2023، حيث ألقى شخص كبير حجرًا على نافذة المركز الإسلامي، ما أثار دعوات تحقيق من CAIR لاعتبارها “جريمة كراهية” واتخاذ إجراءات أمنية إضافية (القدس العربي ).
وقد استمرت موجة الاستهداف على الدوام، خاصة بعد أحداث هجمات إرهابية عالمية، التي أدّت إلى تصاعد الإسلاموفوبيا وتصاعد خطاب عدائي من وسائل إعلام وسياسيين في الولايات المتحدة (ACLU ).
التحليل: هل عادت حقبة الخوف؟
يرى البعض أن الحوادث الجديدة قد تعكس نمطًا تصاعديًا مرتبطًا بصراع غزة من أكتوبر 2023، وهو ما أسهم في خلق مناخ عدائي مستمر ضد المسلمين الأميركيين. وتشير الإحصاءات إلى أن CAIR قد استقبلت في عام 2024 أكثر من 8,600 شكوى حقوقية، وهو أعلى رقم منذ عام 1996، مع تمييز غالبيته في مجال التوظيف (الجزيرة نت ).
كما تعليق راوند عبد الغني، عضو مجلس إدارة مسجد نويثيس، أن هذه الأعمال ليست مفاجئة بعد ارتفاع الخطاب المعادي للمهاجرين والمسلمين منذ أكتوبر 2023 (الجزيرة نت ).
رؤية وحلول مقترحة
1. تعزيز الأمن الوقائي
تركيب كاميرات مراقبة عالية الجودة.
تعيين حِراسات داخلية وخارجية خاصة أثناء المناسبات الدينية.
التعاون الفعال مع الشرطة المحلية في الدوريات الليلية والنهارية.
2. المطالبة بالتحقيقات الفيدرالية
الضغط من قبل CAIR وMPAC لاعتبار هذه الحوادث ضمن ملف “جرائم كراهية منظمة”.
3. التضامن المجتمعي
دعوة الجيران من أديان مختلفة للمشاركة في تنظيف الجدران بعد التخريب، بهدف خلق رسالة تضامنية واضحة.
تنظيم فعاليات مفتوحة للتعارف بين الجالية المحلية والجيران كخطوة نحو بناء الثقة.
4. التوعية والإعلام القانوني
إطلاق حملات إعلامية لشرح آلية بلاغ جرائم الكراهية وكيفية التعامل القانوني.
تدريب الإداريين في المساجد على جمع الأدلة والتواصل مع الجهات الرسمية للإبلاغ السريع.
الخلاصة أن الحوادث التي شهدتها تكساس وكاليفورنيا ليست مجرد طلاء؛ بل رسائل عدائية قد تتطور إن تُركت دون رد فعال. اليوم، الجاليات الإسلامية في أمريكا تمتلك أدوات قانونية ومجتمعية أفضل من سابقاتها، وتحتاج إلى استراتيجية واضحة تجمع بين الأمن والتحالف المدني والتوعية لبناء بيئة أقوى وأكثر أمانًا.