في أجواء دولية مشحونة بالترقب، تتحول ولاية ألاسكا الأميركية غداً الجمعة إلى ساحة مواجهة سياسية رفيعة المستوى، حيث يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أول قمة بينهما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. قمة وُصت بأنها “ساعة الحسم” لملفات الحرب في أوكرانيا، والعقوبات، والطاقة، وسط مراقبة لصيقة من الأسواق العالمية التي تخشى اهتزاز أسعار النفط أو قفز الذهب إلى مستويات قياسية.
أول زيارة لبوتين إلى أميركا منذ 2015
اللقاء، الذي سيعقد في قاعدة “إلمندورف ريتشاردسون” العسكرية، يمثل أول زيارة لبوتين إلى الولايات المتحدة منذ عشر سنوات، وأول ظهور له على الأراضي الأميركية منذ مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية في 2023، والتي لا تلزم واشنطن بتنفيذها.
اختيار ألاسكا ليس صدفة؛ الولاية التي لا يفصلها عن روسيا سوى مضيق بيرينج، كانت تاريخياً أقرب نقاط التماس بين البلدين، وتحمل رمزية سياسية تعود إلى أيام بيعها من القيصر الروسي عام 1867 مقابل 7.2 مليون دولار.
جدول أعمال ثقيل
القمة ستبدأ باجتماع مغلق بين الزعيمين والمترجمين فقط، قبل أن ينضم الوفدان لجلسة عمل وغداء مشترك، يعقبه مؤتمر صحفي. على الطاولة: شروط وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مستقبل العقوبات الغربية، إمكانيات تعزيز العلاقات الاقتصادية، وتفاهمات حول ضبط الأسلحة الاستراتيجية مع اقتراب انتهاء معاهدة “ستارت الجديدة” في 2026.
ترامب، الذي يواجه انتقادات داخلية بسبب كلفة دعم أوكرانيا، يلوّح بعقوبات جديدة إذا لم يلتزم بوتين بوقف النار، محدداً مهلة لا تتجاوز 12 يوماً للتوصل إلى هدنة. في المقابل، يسعى بوتين لانتزاع اعتراف بسيادة موسكو على شرق أوكرانيا وضمانات بعدم انضمام كييف إلى الناتو، إضافة إلى تخفيف القيود الاقتصادية المفروضة على بلاده.
أسواق النفط على الخط
أي إشارة تهدئة أو تصعيد في ألاسكا ستنعكس فوراً على أسعار النفط. محللو الطاقة يحذرون من أن فشل المباحثات قد يدفع واشنطن لفرض قيود إضافية على “أسطول الظل” الروسي أو فرض تعريفات ثانوية على المشترين الكبار مثل الصين والهند، ما قد يشعل الأسعار مجدداً. بالمقابل، نجاح القمة قد يخفف العقوبات ويدفع الأسواق نحو استقرار أكبر.
بين ذوبان الجليد واشتداد العاصفة
مع استمرار الحرب منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، يرى مراقبون أن قمة ألاسكا قد تفتح نافذة نادرة لصفقة شاملة، أو تتحول إلى محطة جديدة لتثبيت خطوط النزاع. العالم ينتظر ما إذا كانت الجبال الجليدية ستذوب في أقصى الشمال الأميركي، أم أن رياح المواجهة ستشتد لتعيد رسم الجغرافيا السياسية والاقتصادية.