في قلب إقليم دارفور، حيث الرمال تمتزج برائحة البارود، تقف مدينة الفاشر اليوم على حافة كارثة إنسانية غير مسبوقة. المدينة، التي كانت يوماً مركزاً تجارياً وثقافياً نابضاً بالحياة،
تحولت خلال الشهور الماضية إلى ساحة حصار طويل، تعصف بها نيران المدفعية وقذائف الطائرات المسيّرة. شوارعها التي اعتادت على ضجيج الأسواق امتلأت بصمت ثقيل، لا يقطعه سوى صرخات الجوع وأنين الجرحى،
فيما تذبل حياة مئات الآلاف من سكانها تحت وطأة الجوع، انقطاع الإمدادات، وانهيار المنظومة الصحية، وسط عالم يكتفي بالمشاهدة.
حصار مُستمر وانقطاع المساعدات
الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، تعاني منذ أكثر من عام من حصار تام تفرضه قوات الدعم السريع، عبر قصف جوّي ومدفعي مكثف، مما أدى إلى توقف المخابز وانقطاع الكهرباء ونقص حاد في الإمدادات الطبية والدوائية.
أزمة جوع حادة
مئات الآلاف من السكان – كثيرون منهم نازحون – يعيشون على حافة المجاعة. البعض اضطر لتناول تبن أو علف حيواني للبقاء على قيد الحياة. أسعار الغذاء مقفزة، وأسعار السلع الرئيسية باتت أعلى بأربعة أضعاف في الفاشر مقارنة ببقية السودان.
انهيار الخدمات الصحية وانتشار الأوبئة
المستشفيات تعمل بأعجوبة؛ فالأدوية والمعدات شحيحة، والطاقم الطبي تحت تهديد دائم. وبالإضافة إلى الجوع، انتشرت الأمراض مثل الكوليرا في المخيمات القريبة من الفاشر، حيث سجلت عدد من الوفيات بسببها.
غارات جوية وقصف مباشر
شهدت المدينة هجمات مكثفة آخرها خلال الأيام القليلة الماضية. على سبيل المثال، قُتل 7 أشخاص في قصف مدفعي استهدف مناطق سكنية.
هجوم على المستشفى التعليمي السعودي
في 24 يناير 2025، استهدف قصف بطائرات مسيرة مستشفى الولادة الشهير في الفاشر، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصًا وإصابة العشرات.
مخاوف من كارثة إنسانية شاملة
التقارير تحذّر من انهيار شامل إنسانياً نتيجة للحصار المستمر، والافتقار إلى وصول المساعدات. فائض القبور وتوسع المقابر يعكسان حجم المعاناة الحقيقية.
توصيف سريع للوضع:
الحصار والأمن حصار كامل منذ أكثر من عام، وعمليات قصف يومية
الغذاء جوع حاد، بعض السكان يأكلون علفاً للحيوانات
الصحة نقص حاد بالأدوية، قتل مدنيين بالمستشفى، انتشار الأمراض
المساعدات وصول محدود جداً أو منعدم عبر الطرق
الخطر الإنساني كارثة وشيكة قد تحدث في أي لحظة
هذا الوضع يمثل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، والفاشر الآن ساحة صراع إنساني حقيقي. إذا كنت ترغب في معرفة تفاصيل إضافية عن أوضاع النازحين، دور المنظمات الدولية، أو نقاط الخروج الآمنة المحتملة – يسعدني أن أقدم لك المزيد من المعلومات.
ردود الأفعال الدولية والعربية
توالت ردود الأفعال الدولية والعربية على ما يجري في مدينة الفاشر، وسط تحذيرات متزايدة من تحول الأزمة إلى مجاعة شاملة وإبادة صامتة.
فمن جانب الأمم المتحدة، أصدرت وكالاتها الإنسانية، وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، بيانات عاجلة دعت فيها إلى فتح ممرات آمنة فوراً لإيصال الغذاء والدواء، محذّرة من أن استمرار الحصار يعني “الموت البطيء” لعشرات الآلاف من المدنيين. كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف بوقف القصف على المراكز الطبية والمناطق السكنية.
الاتحاد الأفريقي بدوره عبّر عن “قلق بالغ” إزاء الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين، ودعا إلى عودة عاجلة لطاولة المفاوضات،
ملوّحاً بفرض عقوبات على الأطراف المعرقلة لوصول المساعدات. الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أصدروا مواقف متقاربة، أدانوا فيها الحصار والقصف العشوائي، وأعلنوا أنهم يدرسون إجراءات ضغط إضافية، بما في ذلك توسيع العقوبات الفردية.
أما على الصعيد العربي، فقد أعربت جامعة الدول العربية عن تضامنها مع الشعب السوداني، ودعت لوقف العمليات العسكرية في دارفور، فيما أصدرت كل من مصر وقطر والسعودية بيانات دبلوماسية
شددت على ضرورة حماية المدنيين والسماح بدخول الإغاثة دون قيود. كما أعلنت بعض المنظمات الإغاثية العربية استعدادها لإرسال قوافل مساعدات فور ضمان مرورها بأمان.
ورغم هذه المواقف، لا يزال المشهد على الأرض قاتماً، إذ يصف مراقبون هذه الردود بأنها “تحذيرات بلا أسنان”، في ظل غياب خطوات عملية توقف الحصار أو تخفف معاناة الفاشر.