قراءة في كتاب روبرت ب. داونز الذي أرّخ لأخطر الأفكار التي شكّلت الحضارة الإنسانية
هل تستطيع الكتب أن تغير العالم؟
هذا السؤال الكبير يجيب عنه المفكر والمؤرخ الأمريكي روبرت ب. داونز في كتابه البارز “كتب غيرت العالم”، الذي يُعد من أبرز الأعمال الفكرية في القرن العشرين، لما يحمله من تحليل عميق لدور الكلمة المكتوبة في صناعة التاريخ وتوجيه المصائر وتفجير الثورات.
في هذا الكتاب، لا يستعرض داونز جماليات النصوص أو بلاغتها، بل يقف عند لحظة التحوّل التي أحدثها كل كتاب في مجتمعه أو في البشرية كلها، ويركز على الكتب التي لم تكن صدى لواقع قائم، بل كانت سببًا في خلق واقع جديد.
مضمون الكتاب:
يختار داونز ستة عشر كتابًا يرى أنها غيّرت مجرى التاريخ، مخصصًا لكل منها فصلًا مستقلاً يدرس فيه الخلفية الفكرية والسياسية للكتاب، والبيئة التي خرج منها، والجدل الذي أثاره، والأثر الذي تركه في بنية المجتمع أو النظام العالمي.
وجاءت قائمته كما يلي:
1- الكتاب المقدس (الإنجيل) – النص المؤسس للحضارة المسيحية الغربية.
2- القرآن الكريم – معجزة الإسلام الخالدة التي غيّرت وجه العالم العربي والإسلامي.
3- قوانين حمورابي – أول محاولة لتدوين القوانين في تاريخ البشرية.
4- لأورغانون – أرسطو – الكتاب الذي وضع أساس المنطق الغربي.
5- حول دوران الأجرام السماوية – كوبرنيكوس – كتاب هدم مركزية الأرض وأعاد ترتيب الكون علميًا.
6- الأقوال – أبقراط – حجر الزاوية في علم الطب.
7- عن الحرب – كارل فون كلاوزفيتز – كتاب أعاد تعريف معنى الحرب والسياسة.
8- الروح والقانون – مونتسكيو – منبع الفكرة الدستورية الحديثة.
9- العقد الاجتماعي – جان جاك روسو – مرجع الثورات الديمقراطية.
10- ثروة الأمم – آدم سميث – التأسيس الفلسفي للرأسمالية الحديثة.
11- بيان الحزب الشيوعي – ماركس وإنجلز – وقود الثورة البلشفية وأساس الفكر الاشتراكي.
12- رأس المال – كارل ماركس – الكتاب الأشمل في نقد الرأسمالية.
13- أصل الأنواع – تشارلز داروين – نظرية التطور التي خلخلت البنية الدينية والفلسفية.
14- تاريخ سقوط الإمبراطورية الرومانية – إدوارد جيبون – إعادة قراءة لسقوط الحضارات الكبرى.
15- كفاحي – أدولف هتلر – كتاب عبّأ أوروبا نحو الهاوية، وسبّب أعنف الحروب.
16- حوار في المنهج – رينيه ديكارت – التأسيس للعقلانية الغربية والشك المنهجي.
من هو روبرت ب. داونز؟
روبرت بيرسون داونز (1903 – 1991)، كاتب ومؤرخ أمريكي، وُلد في إلينوي، وكرّس حياته للبحث في أثر المعرفة والكتب في تطور الفكر الإنساني. شغل عدة مناصب أكاديمية، واهتم بدور المكتبات كوسيط بين القارئ والتاريخ، وله مؤلفات مرجعية في علم المكتبات والتوثيق.
أهمية الكتاب:
لا يمكن تصنيف “كتب غيرت العالم” على أنه كتاب تاريخي تقليدي، بل هو خريطة فكرية لفهم التحولات الكبرى التي قادتها الكتب، من الأديان إلى الثورات، ومن العلم إلى الحروب.
ثقافيًا: الكتاب شهادة على أن الثقافة ليست رفاهية، بل أداة لتغيير مصير الأمم.
سياسيًا: يبرز كيف استخدمت الكتب إما لصناعة وعي ثوري أو لتبرير سلطات دموية.
علميًا: يرصد الكتاب مراحل خروج العقل البشري من الأسطورة إلى التجريب.
من أبرز مقولات الكتاب:
“ربما كان السيف أسرع، لكن الكتاب أبقى”.
“كل فكرة خطيرة وُلدت في عقل كاتب، ثم وجدت طريقها إلى الواقع في صورة ثورة أو حرب أو دين”.
“الكتب لم تكتفِ بتفسير العالم، بل غيرته”.