“لا تندهش”.. شعر: د. سلطان إبراهيم المهدي
“لا تندهش”.. على هامش فتح السجون السورية ودهشة المحررين بعد عقود من القهر والظلم”
——————————–
ماذا جرى؟! ما تلكمُ الأصوات؟! قولوا يا صحابْ
يا لهفتى! هل شقَّ صمت السجنِ أمواج اضطرابْ
ماذا جنينا؟ يا رفاقي كي يروموا فتَح بابْ
هُم يُفتحون فنُبْتَلى بالضرب من قبل السبابْ
ويعاقبون على الخيالِ.. على الشعورِ.. على الخطابْ
قد جَرَّموا الهمسات والأنات تشكو من عذابْ
قد صادروا الأحلام والآمالَ تاهت في الشِعابْ
قد كدّروا صفوا المعين وأرهقونا بالصِّعابْ
هذي الحياةُ ولا حياةٌ .. إنَّها مُرٌ وصابْ
إنَّا هُنا في أعين الحُراسِ أرقام الحسابْ
أسماؤنا نُسيت هُنا وتكاد توذن بالغيابْ
ذقنا العذاب ممنهجا والهمُّ زاد عن النِّصابْ
قد حاربوا الأفكار والأشعار والرؤى والكتابْ
مَن أسلموا أرضي إلى المُحْتَّلِّ ..جاءوا بالخرابْ
يستكبرون على الضعاف كأنَّهم أُسدٌ غِضابْ
عين الرقيب تطوف ترصدُ ثم تنقل للذئاب
منعوا الطعام وأفسدوه لكي نقاسي من سغابْ
قطعوا المياه تعمّدوا حرماننا عذب الشرابْ
ومتى طلبنا أجبرونا كي نسفَّ من الترابْ
كم حطّموا عظما وكم في قسوةٍ شَقُّوا الإهابْ
كم مرةٍ نزعوا الأظافر .. حَطَّموا سنَّا ونابْ
فلمَ المجيء؟! أيرغبون اليوم تجديد المُصابْ
هذا سؤالٌ حائرٌ هزَّ المشاعر في ارتياب
فالشيخُ في الظُّلمات والأهوال من عهد الشباب
ما كان يعرف ما يدور وعمره خلف الضبابْ
*****
لا لا تخفْ .. أو تبتئس يا صاحب العزم العنيدْ
لا تندهش فلقد أتى ما ترتجيه ..اليوم عيدْ
فرَّ الطغاةُ وأدبروا وتنفّس الصبح الوليدْ
ولّى زمان القهرِ والأشجان والبطش الشديدْ
ودمشق فاتنة الدُّنا في ثوبها الزاهي الفريدْ
كُلُّ المدائن أشرقت وتألّقت فيها البنود
الدّوحُ يسط ظِلَّه يستقبل الطير الغريدْ
هذا زمانُ العدلِ والإحسان يقبل من جديدْ
لا حزن بعد اليوم في أوطاننا ازدهت الوعودْ
من كان يخنق شعبنا الآن في “موسكو” طريدْ
ذاق المذلةً جانيا من غرسه مُرّ الحصيد
مَنْ عاش يحكم شعبه بالنارــ دهرا ــ والحديدْ
مَنْ عاشَ يقتل دون رفق ثم يُلقي في اللحودْ
مَنْ عاشَ يُعلي للسجون ويهدم المجد التليدْ
هذي بقايا جُرمه بالشام للدهر الشهودْ
وله ب”صدنايا”سجل من مخازٍ لا تبيدْ
شتَّان بين الخائنين وبين مَن صان العهودْ
الآن يا مظلومُ عنك تَحطَّمت كل القيودْ
بشراك بالآمال مقبلة وتصحبها السعودْ
بشراك ما قد شته قد صاغ ملحمة الصمودْ
والصبرُ أضحى روضةً عبقت بأرجاء الوجودْ
والصبرُ أول خطوةٍ في سكة النصر المجيدْ
والصبرُ عقباه الفلاح يقود للعيش الرغيدْ
تبقى المفاخر للمناضل والكرامة للشهيدْ
مَن ماتَ ماتَ مجاهدا .. بشراه في دار الخلودْ