محمد جمال عرفة
نعم انسحبت قوات الجيش والشرطة السورية من السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب سوريا قرب الحدود مع دولة الاحتلال ولكن يجب فهم ما يلي:
1- إسرائيل لديها خطة محددة منذ فترة لاستعمال ورقة الأقلية الدرزية كمبرر لاحتلال جنوب سوريا بحيث حين يقال لها انسحبي تقول «نحن نحمي إخواننا الدروز» وكأنهم هم أصحاب السيادة والسلطة في سوريا وشجعهم على ذلك الخونة من قادة الدروز الدينيين خاصة حكمت الهاجري، كما شجعهم قائد دروز إسرائيل موفق طريف الذي يرسل جنوده لقتل وذبح الفلسطينيين في غزة
2- الخطة الإسرائيلية للعب بورقة الأقليات في العالم العربي ليست جديدة فقد كانت في السابق تسمي (شد الأطراف وبترها) أي جذب الأقليات وادعاء الدفاع عنهم وتوفير السلاح والدعم لهم كي ينفصلوا عن الدول العربية ضمن مخطط واسع قديم وبهذه الطريقة شجعوا جنوب السودان على الانفصال عن السودان الأم وكان هدفهم ضرب مصر وحصارها من الخلف وبنفس الطريقة لعبوا على أكراد العراق وموارنة لبنان وغيرهم.. والجديد الآن بعدما تصوروا أنهم انتصروا في حروب غزة ولبنان وإيران هو كشف وجههم علنا وطرح الخطط السرية علانية وادعاء أنهم حماة الأقليات وأبرزهم الدروز حاليا أي محاولة إعادة صياغة النظام الإقليمي العربي والشرق الأوسط من بوابة الأقليات.
3- ليس معني انسحاب الرئيس السوري أحمد الشرع من السويداء (باتفاق مع أميركا وبقية مشايخ الدروز المعتدلين) أنه انهزم.. فهو يدرك تماما أن الصهاينة مصرون على سحب سوريا إلى حرب لا تريدها الآن وهي تلملم جراحها من آثار حكم بشار الأسد ومن السهل ضرب كل سوريا (كما حاولوا إظهار قدرتهم على ذلك بقصف مناطق قريبة من قصر الرئاسة أو وزارة الدفاع ورئاسة الأركان وغيرها) ويدرك أن الصهاينة يستخدمون حصان طروادة والخونة في الداخل (الهاجري وشركاه) كما أن الأميركيين كذابين ويدعمون الخطة الإسرائيلية بدليل أنهم طالبوه هو لا إسرائيل بحسب قواته من بلده ليبقي فيها الصهاينة وعملائهم الدروز!!
4- خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع كان واضحا في كشفه لذلك حيث قال: «كنا أمام خيارين: الانجرار إلى مواجهة مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي وزعزعة استقرار سورية والمنطقة بأسرها، أو إفساح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية واتفاق ينهي الاقتتال الداخلي، وقد اخترنا حماية الوطن».
5- «الشرع» أشار بوضوح للهدف الإسرائيلي بقوله: «أفشلنا مخططا إسرائيليا لجر سورية إلى الفوضى»، واتهم تل أبيب بمحاولة «تحويل أرضنا إلى ساحة نزاع وتفكيك وحدة شعبنا»، قال: «سورية لن تكون أبدا ساحة للتقسيم أو التفتيت أو ساحة لمؤامرات خارجية أو مطامع إقليمية».
6- مع هذا.. كانت هذه أول مرة يهدد فيها الشرع إسرائيل ويُظهر العين الحمراء، حين قال لنتنياهو ووزير حربه إن الدولة السورية «لا تخشى الحرب»، ولوح باحتمال الدخول في «حرب مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي» إذا استمرت الاعتداءات وتحدث دون عنتريات ولا ادعاءات، وتهديدات جوفاء وهذه أول مرة يقول فيها ذلك بعد اتهامات له بالخنوع وعدم الرد على عربدة الصهاينة.
7- دخول المعركة بتوقيت العدو الصهيوني ليس من الذكاء والحكمة، كما قال زملاء محللون على مواقع التواصل، حيث يسعي العدو إلى تأسيس نسخة من جيش العميل (أنطون لحد) من الدروز في جنوب سوريا، بقيادة الهجري الخائن، ونعم يجب وقفه والقضاء عليه هو وبقية الخونة ولكن هذه أول جولة والجولات قادمة ولن يعدم النظام الحيلة لفرض سيطرته على السويداء وغيرها خاصة أن الهاجري فضح نفسه علنا كعميل للصهاينة وأصبح منبوذا ومثال على الخونة.
8- رب ضارة نافعة ويدفع ما جرى سوريا لتوقيع اتفاقية عسكرية مع تركيا كانت تتردد في توقيعها خشية حدوث مشكلات مع أميركا وإسرائيل.
9- القصف الإسرائيلي على سوريا أظهر أمرين هامين:
(الأول)، أنه كشف أن كل ما كان يقال عن لقاءات بين الشرع والإسرائيليين هنا وهناك وتفاهمات وتطبيع ما هي إلا أخبار كاذبة.. واستغربت نشر كثير من الناس لها مع أنها أخبار لصحف إسرائيلية ضمن مسلسل (فرق تسد)،
و(الثاني) أن هذا القصف فضح وكشف أهمية عدم الوثوق بالوعود الإسرائيلية الأمريكية التي تغنى بها الكثيرون في الأيام الماضية عن احتضان سوريا، كما فضح ما جرى دعاة التطبيع العرب الذين خرسوا لضرب عاصمة عربية كأنهم سينجون من الخطط الصهيونية مستقبلا!