تجاوزت العقوبات الأمريكية المفروضة على المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيزي، مجرد كونها هجوماً على القانون الدولي أو المحكمة الجنائية الدولية، لتكشف عن دافع أساسي ومُحتجب في سياسة واشنطن: حماية المصالح الاقتصادية وأرباح كبريات شركاتها.
جاءت هذه الخطوة غير المسبوقة من إدارة ترامب في يوليو 2025، ليس كإجراء سياسي مجرد، بل كرد فعل مباشر على تقرير ألبانيزي الذي صدر قبلها بأيام بعنوان “من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة”. لقد شكل التقرير تهديداً مباشراً لشركات أمريكية عملاقة مثل “لوكهيد مارتن”، “مايكروسوفت”، “أمازون”، و”ألفابت (غوغل)”، حيث ذكرها بالاسم واتهمها بالتواطؤ والتربح من الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، ودعا إلى محاسبتها جنائياً.
لم تتأخر واشنطن في الرد، حيث وصفت تصريحات رسمية أمريكية عمل ألبانيزي بأنه “حرب اقتصادية” تهدد مصالح الولايات المتحدة. هذا الربط المباشر بين التقرير والعقوبات يوضح أن الهدف لم يكن الأمن القومي بالمفهوم التقليدي، بل حماية “جوهرة تاج القوة الأمريكية” – أي شركاتها الكبرى المتغلغلة في المؤسستين العسكرية والاستخباراتية.
لا يعد هذا النهج جديداً، فلطالما استُخدمت العقوبات الأمريكية كأداة لخدمة أهداف اقتصادية، مثل حماية المصارف الأمريكية من سحب الأصول الإيرانية عام 1979، أو فرض رسوم جمركية لتعزيز الخزينة الأمريكية.
إن قضية ألبانيزي هي المثال الأكثر فجاجة على استخدام القوة لحماية حصانة الشركات من المساءلة عن تورطها في جرائم دولية. وبهذا، تكشف العقوبات أن “الأمن القومي” الأمريكي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالهيمنة الاقتصادية القائمة على حماية أرباح الشركات، حتى لو كان الثمن هو استهداف خبراء حقوق الإنسان وتقويض العدالة الدولية.