قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” إن امتناع الاتحادات الرياضية الدولية والقارية عن تعليق عضوية “إسرائيل”، رغم مرور 22 شهرًا على ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، يمثّل خرقًا صارخًا للقيم والمبادئ التي تزعم هذه الاتحادات التمسك بها،
ويعكس تطبيقًا انتقائيًا ومعايير مزدوجة في تنفيذ القواعد التي تحكم مشاركة الدول وممثليها في المنافسات الرياضية العالمية والقارية، سواء الرسمية أو الودّية.
وأوضح المرصد، في بيان صحفي اليوم الاثنين، أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، واللجنة الأولمبية الدولية، وغيرها من الاتحادات الدولية، لم تتخذ أي إجراءات ضد “إسرائيل” رغم قتلها 664 رياضيًا فلسطينيًا منذ بدء الإبادة الجماعية في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وانتهاكها للوائح ومعايير حقوق الإنسان والسلام وعدم التمييز.
وأشار البيان، إلى أن “إسرائيل” استهدفت جميع مظاهر الحياة في قطاع غزة، بما فيها القطاع الرياضي، إذ دمّرت قواتها 264 منشأة رياضية، بينها 184 بشكل كامل و81 جزئيًا، وفق بيانات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ما أدى إلى توقف النشاط الرياضي كليًا منذ أكتوبر 2023،
في ظل تدمير البنية التحتية وقتل الرياضيين أو إجبارهم على تركيز جهودهم في البحث عن المأوى والطعام، وسط الحصار والنزوح المتكرر وسياسة التجويع التي تسببت بانعدام الأمن الغذائي ووفاة نحو 220 شخصًا حتى الآن.
وبيّن المرصد أن شهر تموز/يوليو الماضي وحده شهد مقتل 40 رياضيًا وكشفيًا على يد الجيش الإسرائيلي، معظمهم في غزة، بحسب “اللجنة الأولمبية الفلسطينية”.
ولفت إلى أن التأثير العالمي لاتحادات مثل “فيفا” و”يويفا” يحمّلها مسؤولية مضاعفة في تطبيق مبادئ حقوق الإنسان ونبذ الاتحادات الوطنية المتورطة دولها في جرائم خطيرة، مستغربًا استمرار مشاركة المنتخب والأندية الإسرائيلية في البطولات الدولية بينما تقتل “إسرائيل” رياضيًا فلسطينيًا واحدًا يوميًا تقريبًا.
وشدد المرصد على أن تجاهل هذه الاتحادات للوائحها الخاصة وعدم اتخاذ إجراءات تأديبية بحق “إسرائيل” يشكل إخلالًا بالتزاماتها الأخلاقية والمؤسسية، ويسهم في استخدام “إسرائيل” للمحافل الرياضية لتبييض انتهاكاتها لحقوق الإنسان والتغطية على الفظائع المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.
وأضاف البيان أن السماح لممثلي دولة ترتكب جريمة إبادة جماعية بالمشاركة في المنافسات ليس خرقًا قانونيًا فحسب، بل سقوطًا أخلاقيًا، خاصة مع تورط نحو 30 رياضيًا من بعثة “إسرائيل” في أولمبياد باريس 2024 في الخدمة بالجيش الإسرائيلي أو إظهار دعم علني للإبادة في غزة، في ظل سياسة التجنيد الإجباري التي تجعل من المرجح أن غالبية الرياضيين الإسرائيليين خدموا كجنود احتياط.
وأشار المرصد إلى أن لوائح “فيفا” و”يويفا” واللجنة الأولمبية الدولية تمنح صلاحيات واضحة لتعليق عضوية أي اتحاد وطني ينتهك مبادئ حقوق الإنسان أو يتورط في التمييز، مؤكدًا أن إدراج أندية المستوطنات غير القانونية في الدوري الإسرائيلي والسلوكيات العنصرية للاعبين تمثل خرقًا صريحًا لقيم هذه المؤسسات.
وذكّر المرصد بمواقف هذه الاتحادات تجاه روسيا عام 2022، حين سارعت لتعليق عضويتها وحظر فرقها بسبب غزو أوكرانيا، مطالبًا باتخاذ موقف مماثل وفوري تجاه “إسرائيل”، عبر تعليق عضويتها في كافة الأنشطة الرياضية، ومنع إقامة أي فعاليات على أراضيها، وإلزام اتحادها بإخراج أندية المستوطنات من مسابقاته.
كما دعا المرصد إلى تشكيل لجان مستقلة لتوثيق تدمير البنية الرياضية وقتل الرياضيين الفلسطينيين، وإلزام “إسرائيل” بإعادة إعمار ما دمرته وتعويض الضحايا، مع تقديم دعم طارئ للاتحادات الفلسطينية لاستمرار عملها من مقرات بديلة وتأمين المعدات والبرامج التأهيلية.
وترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 214 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.