تقاريرسلايدر

لماذا لا يعترف المجتمع الدولي بحكومة إمارة أفغانستان الإسلامية؟!

إذاعة الحرية ‎- أفغانستان

في عام 2001 غزت أمريكا أفغانستان بكل غرور وعنجهية وكبرياء في إطار تحالف دولي غاشم يضم عددا كبيرا من الدول تحت ذريعة محاربة «الإرهاب» و«التطرف» وحماية «حقوق الإنسان» و«المرأة» وتطبيق «الديموقراطية» وإقامة النظام «الجمهوري» في البلد الذي حارب الشرق والغرب لأجل حماية القيم الدينية والأفغانية والحفاظ على هويته الإسلامية.

ولا شك أن ‎أمريكا ومعها حلفاؤها تجاهلت خلال هذا الغزو جميع المعايير الإنسانية، والقوانين الدولية، وغضت الطرف عن حقوق الإنسان والحيوان والشجر والحجر، واستخدمت خلال عشرين سنة من الاحتلال جميع أنواع أسلحة الدمار والوحشية، فكانت النتيجة قتل الأبرياء، وتدمير المدن والقرى الأفغانية، وتعذيب الآلاف في سجون وحشية، وتدمير الاقتصاد وتخريب ما تبقى من العمران في أفغانستان من حقبة الحروب السابقة.

واستطاع الشعب الأفغاني بفضل الله عز وجل تحت قيادة الإمارة الإسلامية طرد الاحتلال الأمريكي وأعوانه من البلاد في منتصف أغسطس 2021 بعد عشرين سنة من الجهاد والكفاح المسلح ضد الغزاة والمحتلين، ولا يشك عاقل أن مقاومة المحتلين والغزاة المعتدين حق مشروع للشعب الأفغاني الذي اعتُدي عليه واحتل الغاصبون أرضه.

ومع بزوغ فجر الحرية وشروق شمس الاستقلال وطرد الاحتلال الأمريكي بعد هزيمته على ثرى البلاد، تشكّل النظام الإسلامي من قِبل الإمارة الإسلامية، وهذا النظام لم يشكل أي تهديد لأي جهة داخل وخارج البلاد.

نجح النظام الجديد في أفغانستان في عملية استتباب الأمن وإعادة الاستقرار للبلد بعد 4 عقود من الحروب والصراعات التي أهلكت الحرث والنسل، وهذا النظام انتهج سياسة عدم التدخل في شؤون الآخرين والتزم بذلك أشد الالتزام كما أكد عدم السماح للآخرين للتدخل في شؤون أفغانستان الداخلية، وعلى هذا جرت الإمارة الإسلامية في نحو 4 سنوات من حكمها تلتزم بأصل “لا ضرر ولا ضرار” واستطاعت تطبيع علاقاتها مع العديد من الدول، وتمكنت من الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع الدول الكبرى بما يضمن مصالحها لا سيما ‎#الصين و ‎#روسيا ودول جوار أفغانستان وغيرها.

استوفت حكومة الإمارة الإسلامية جميع شروط الاعتراف الدولي بالحكومات، بدءا من إعلان العفو الشامل عن جميع خصومها الذين قاتلوها لعشرين عاما إلى جانب الاحتلال الأمريكي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أشد قتال، فأعلنت عفوا قل نظيره في التاريخ المعاصر، بالإضافة إلى ذلك أبقت على نحو مليون موظف من الإدارة السابقة ولا تزال تدفع لهم الرواتب وتستغل قدراتهم وكفاءاتهم في بناء الدولة وإعمار البلد، فالدولة التي تقودها الإمارة الإسلامية لم تسع إلى تهميش أو إقصاء أحد بناء على انتماءاته أو ولائه السابق.

وعلى الصعيد السياسي، استطاعت الإمارة الإسلامية تطبيع علاقاتها مع العديد من الدول بما فيها الجوار، وأعادت العلاقات التجارية والاقتصادية مع كثير من الدول إلى طبيعتها، وهي دوما تؤكد جاهزيتها لإقامة وتعزيز علاقات مع جميع الدول في إطار الشريعة الإسلامية والمصالح الأفغانية، كما أمّنت حدودها لصد أي خطر أو تهديد موجه للجيران ودول المنطقة والعالم.

أما في مجال حقوق المرأة فقد أعادت الإمارة للنساء كرامتهن، وحفظت حقوقهن المسلوبة، وسنت قانونا استُقي من الشريعة الإسلامية بشأن قضايا تتعلق بهن، وتمنع الظلم بحقهن.

أما في مجال محاربة ‎المخدرات والتعامل مع المدمنين فقد تعاملت الإمارة الإسلامية مع هذه الأزمة بشكل محترف جدا اعترف بذلك القاصي والداني، وعالجت هذه القضية بشكل ممتاز جدا، فقد أخرجت الإمارة الإسلامية بفضل الله بلدا أغرقه الاحتلال الأمريكي في المخدرات من هذا المأزق، وعالجت مئات الآلاف من المدمنين وإعادة دمجهم في المجتمع من جديد.

ورغم العقوبات وتجميد نحو 9 مليارات دولار من احتياطي البنك المركزي الأفغاني من قبل الولايات المتحدة، واصلت الإمارة الإسلامية مسيرتها في بناء الاقتصاد والتجارة كما شهدت الصادرات قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة بالإضافة إلى انتعاش القطاع الزراعي الذي يُعتمد عليه في أفغانستان بشكل كبير.

ومع كل ما ذُكر لم تتنازل الإمارة الإسلامية عن المبادئ الإسلامية قيد أنملة، وحافظت على هويتها الإسلامية والجهادية، ونفذت أحكام الشريعة الإسلامية رغم كل الضغوط الدولية والعقوبات والعراقيل التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون.

لم تستسلم الإمارة الإسلامية لإملاءات الغرب ولم ترضخ لضغوطه وشروطه وعقوباته، ومشت في طريقها بخطوات ثابتة، متمسكة بمنهجها وعقيدتها وأسسها ومبادئها التي ناضلت وكافحت لأجلها، وحاربت للدفاع عنها قوى الشر قاطبة.

والسبب الوحيد الذي امتنع المجتمع الدولي-الذي تسيطر عليه أمريكا وتتحكم فيه- عن الاعتراف بحكومة الإمارة الإسلامية هو عدم رضوخ الإمارة الإسلامية لشروط الغرب وعدم الركون إلى الإرادة الغربية المتمثلة في أمريكا.

سمير زعقوق

كاتب صحفي وباحث في الشئون الآسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى