مضر أبو الهيجاء
إن حماية بلاد الحرمين الشريفين من الدخول في اتفاقيات أبراهام والتطبيع مع اليهود المحتلين منوط بثبات السوريين -حكاما وعلماء ومحكومين فجميعهم مسؤولون ومساءلون- أمام محنة التطبيع العاتية التي يقودها الكاهن الأمريكي المهندس واللعين!
إن حجم ووزن وثقل ودور وريادة المملكة العربية السعودية وتاريخية حكامها يمنعها من الانزلاق -المستهدف والمرغوب- في التطبيع مع قتلة النبيين محتلي بلاد المسلمين والأرض المباركة فلسطين، وسارقي قبلة المسلمين الأولى، والأقصى محل معراج النبي الأمين صلى الله عليه وسلم..
إلا بشرط لازم يجب أن يسبقها، وهو تطبيع سورية أم فلسطين، وعماد وعمود لفظ كيان إسرائيل بين العرب والمسلمين في عهد كل السابقين من الحكام السوريين بما فيهم الفجرة والطواغيت الطائفيين.
وبكلمة يمكن القول:
كما لم يجرأ أحد من حكام العرب على التطبيع العلني مع كيان إسرائيل -ما عدا السادات- إلا بعد أن دخل ياسر عرفات في اتفاقية أوسلو مع الغاصبين، وذلك باعتباره الإمام السياسي لفلسطين!
فلن يجرأ أحد من حكام السعودية والكويت والجزائر على التطبيع مع الإسرائيليين -برعاية أمريكية- إلا بعد تركيع حكام سورية الحرة عبر اتفاقية مع الصهاينة المحتلين، مضمونها صلح وتسليم واستسلام، وذلك باعتبارهم أئمة الجهاد في المنطقة العربية وعنوان الثورة، فهل سيسقط حكام سورية المؤقتون في الفخ؟
وفي هذا المقام تطرح ثلاثة أسئلة لازمة هي:
ما هو المتوقع وما هو المطلوب وما هو الحل؟
أولا: المتوقع هو مقترح أصحاب السبت!
إن المتوقع من الأمريكان أن يقوموا بالتلاعب الذي عرف عنهم كتلاعب بني إسرائيل وأصحاب السبت، وذلك مراعاة للواقع الاجتماعي والسياسي الثوري في سورية، الأمر الذي سيبلور صياغات متعددة ومتنوعة وساحرة مقترحة بين سورية وإسرائيل، جميلة في العناوين قبيحة ومنكرة ومحرمة في المضامين!
ثانيا: المطلوب هو الثبات على الحق ومنهج المرسلين، وتعزيز ذلك بأطر شعبية تشكل رديفا وداعما للدولة، وتتجاوز ضعف حكامها المحتمل.
لم يتنزل القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصص الأنبياء والمرسلين للتسلية، وإنما من باب الاعتبار والاهتداء والاقتداء، وعنوانه الأول هو الثبات على الحق وما يرضي الله سبحانه وتعالى ويحقق مصالح المسلمين، ولا يتحقق ذلك إلا بالاستمساك بالعروة الوثقى.
وأما عن حديث الضغوط وإكراهات السياسة فهو خاضع لأحكام الشريعة وليس بخارج عنها عند من يدعون نصرة الحق والتمسك بالدين، وعنوان مصداقيتهم هو فزعهم نحو العلماء الربانيين والاستنجاد بهم، لا إغلاق روابطهم وحل مجالسهم، التي يمكن أن تشكل إجماعا مفصليا في القضايا الرئيسية بشكل لا يمكن القفز عنه وعن فاعليته الاجتماعية إلا بحله والتخلص منه!
فهل من مراجعة للقرار الخائب والتصرف المحبط من الطرفين، والذي أفضى لحل المجلس الإسلامي السوري المرشح الأقوى للوقوف الفاعل شعبيا في مواجهة أي احتمال للتطبيع المحرم مع المحتلين، سواء من قبل الحكام السوريين المؤقتين والمرحليين، أم الحكام القادمين والدائمين؟
إن المطلب الثاني يتعلق بالشعب السوري بكل نخبه الإسلامية والعلمانية، وكل شرائحه الاجتماعية، كطلاب الجامعات والكتاب والأطباء والمهندسين والعمال وتلاميذ المدارس والفلاحين والصناعيين، الذين يعبرون بمجموعهم عن حقيقة حدوث ثورة، وحقيقة تحرير سورية الحرة!
وأما المطلب الشعبي فهو:
تشكيل الجبهة السورية لمناهضة التطبيع مع المحتلين سواء أكانوا إيرانيين أم إسرائيليين.
إن الثوار الأحرار السوريين أولى بالعناوين الصحيحة من الملالي الإيرانيين وحكام سورية المجرمين الأسديين!
وإذا كان حافظ وبشار الأسد النصيريين الطائفيين المجرمين، وكذلك الملالي الإيرانيين القتلة والمحتلين، قد رفعوا كذبا ودجلا عناوين صحيحة وبراقة ليخدعوا الشعوب، فمن العيب أن تكون تلك العناوين مهملة عند حكام سورية الجدد ولدى النخب الثورية التي تعي حقائق الماضي ووقائع العصر!
وأقترح من جديد إطلاق الجبهة الشامية العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع المحتلين، وذلك لسحب البساط من تحت أرجل المحور الإيراني الطائفي المتخادم والمخادع، وكذلك لأجل أن تأخذ سورية الحرة وأرض الشام ونخبها المباركين دورهم في ريادة الشعوب العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع إسرائيل، وليستوعب الإطار المقترح تركيا وباكستان.
ثالثا: الحل المرحلي يكمن في هدنة شرعية في الشكل والمضمون.
من نافلة القول أن بني صهيون يعلون بتأييد مطلق من الصليبيين، وهو علو مرتبط بحلول الأصيل في مكان الوكيل من حيث الإدارة والدور في تمزيق منطقتنا العربية والإسلامية واستهداف شعوبها وجيوشها واقتصاداتها وعلومها، الأمر الذي يوجب طرحا عمليا مع المحتل، وهو باختصار ما اقترحه الشيخ أحمد الياسين منذ سنين، هدنة لعشر سنين.
مضر أبو الهيجاء جنين-فلسطين 7/7/2025