تشهد النيجر موجة متصاعدة من الهجمات الإرهابية والاستهدافات المنظمة، خاصة في المناطق الحدودية مع نيجيريا ومالي وبنين.
هذه الهجمات، التي تقع في أجواء من عدم الاستقرار السياسي والأمني بحسب لخبير الموريتاني في الشئون الإفريقية سلطان البان منذ انقلاب 2023، تسلط الضوء على هشاشة الوضع الأمني واستمرار خطر الجماعات المسلحة على المدنيين والأجانب والعسكريين على حد سواء.
ضحايا في صفوف الهنود والجيش
وخلال الأيام القليلة الماضية ، تعرضت منطقة “دوسو” جنوب غرب النيجر لهجوم وصفته السفارة الهندية بـ”الإرهابي” أسفر عن مقتل عامل هندي، واختطاف آخر، وفقدان ثالث، بينما قُتل جندي نيجري كان ضمن قوة تحرس موقع مشروع بناء خط كهربائي قرب الحدود مع نيجيريا وبنين.
وفي هذا السياق سارعت السفارة الهندية إلى دعوة رعاياها إلى توخي “اليقظة” وأعلنت عن تواصل مستمر مع السلطات النيجرية وعائلات الضحايا، في محاولة لتأمين الإفراج عن المخطوف وتسهيل نقل جثمان القتيل.

لم يكن هذا الهجوم بحسب تغريدة البان علي منصة “إكس “استثناءً في سياق أمني متدهور، إذ شهد الشهر الحالي أيضاً خطف ثلاثة هنود من مصنع للأسمنت في غرب البلاد، فيما تعرض شمال مدينة “ساكوارا”، في 25 أبريل الماضي، لهجوم عنيف أدى إلى اختطاف خمسة فنيين هنود آخرين ومقتل 12 جنديًا نيجريًا كانوا يتولون حماية الموقع.
وعلى محور دوتشي-إكرافان الحدودي، الذي يُعد شرياناً حيوياً للإمدادات بالنسبة للجماعات المسلحة، وقع في مايو 2025 هجوم منسق استهدف أربعة مواقع للجيش في مناطق دوتشي، دان كاساري، سوكوكوتاني، وكيريا، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 8 جنود وفقدان 16 آخرين. هذه الهجمات أدت إلى استنفار الجيش النيجري الذي يواجه بشكل متزايد هجمات من داعش في الصحراء الكبرى والقاعدة.
عشرات الضحايا في هجمات موسعة
وفي سابقة من نوعها، وقع هجوم ضخم على بلدة بانيبانغو بمنطقة تيلابيري القريبة من الحدود مع مالي “مثلث الموت”، أدى إلى مقتل 34 جنديًا نيجريًا وإصابة 14 آخرين، إضافة إلى مقتل عشرات من المسلحين بحسب إعلان الجيش الرسمي. استخدم المهاجمون سيارات ودراجات نارية ونفذوا هجوماً واسع النطاق أجبر السلطات على إطلاق عملية برية وجوية لتعقبهم.
في 5 يوليو 2025، قتل عشرة جنود في هجومين متزامنين في مقاطعة غوتاي غرب النيجر، وأعلن عن مقتل 41 من العناصر المهاجمة. وسبق ذلك أيضا انفجار عبوة ناسفة في مايو 2025 قتل فيه ثمانية من عمال منجم ذهب يملكه أجانب في مدينة ساميرا.
وتتكرر الهجمات في المناطق القريبة من الحدود مع نيجيريا وبنين ومالي وبوركينا فاسو، حيث تنشط جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، وتستهدف بشكل منظم منشآت مدنية وعسكرية، إضافة إلى مشاريع البنى التحتية الكبيرة مثل خطوط الكهرباء والأنابيب والمناجم.

وتظهر الإحصائيات الأخيرة تصاعدًا خطيرًا في معدلات القتل والخطف:
-يوليو 2025: مقتل هندي وخطف آخر وفقد ثالث في دوسو، ومقتل جندي نيجري.
-مطلع يوليو 2025: خطف ثلاثة هنود من مصنع أسمنت غربي النيجر.
-25 أبريل 2025: خطف خمسة هنود وقتل 12 جنديًا شمال ساكوارا.
-5 مايو 2025: مقتل 8 جنود وفقدان 16 آخرين في هجمات متزامنة بدوسو.
-19 يونيو 2025: مقتل 34 جنديًا في هجوم على بانيبانغو، منطقة تيلابيري.
-5 يوليو 2025: مقتل 10 جنود في هجومين متزامنين بغوتاي قرب حدود بوركينا فاسو.
وتمثل هذه الأرقام مؤشرات واضحة على استفحال الخطر على حياة المدنيين والأجانب وعناصر الجيش، خاصة العاملين في مشاريع اقتصادية حيوية. إن سلاسل الخطف والقتل التي تشهدها النيجر ومناطق التماس مع دول الجوار وأحيانا في عمقها هذه الأشهر تضع المجتمع الدولي والجوار الاقليمي أمام تحديات جِسام في دعم النيجر لضبط أمنها، في ظل واقع سياسي هش، ومواجهة متعددة الأطراف لخطر جماعات مسلحة عابرة للحدود.