قالت صحفية وول ستريت جورنال أن وزير الخزانة الأمريكي ساعد في إقناع الرئيس بأخذ وقت للتفاوض مع الشركاء التجاريين في ظل الضغوط من قادة الأعمال.
اوضحت الصحيفة في تقرير لها ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية ” إن ترامب أوضح أن رد الفعل على برنامج الرسوم الجمركية بدأ يصبح “مزعجًا” — مثل رياضي متوتر غير قادر على الأداء —
حيث اعتمد على حدسه لتغيير المسار بينما كان يشاهد سوق السندات ينهار ويستمع إلى قادة الأعمال، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورغان تشيس جيمي ديمون، الذين أعربوا عن مخاوفهم من حدوث ركود.
كانت هذه الحلقة وفقا للصحيفة الأمريكية مثالًا كلاسيكيًا لترامب: اتخذ إجراءً جذريًا، راقب رد الفعل عن كثب، وأبقى المستشارين والحلفاء في حالة تخمين، ثم غيّر المسار.
في هذه الحالة، تم الإعلان عن التراجع الاستثنائي عبر منصة ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي بعد ساعات فقط من بدء ما يسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة رسميًا.
كتب ترامب المنشور من المكتب البيضاوي أثناء جلوسه مع وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك. كما رفع ترامب الرسوم الجمركية بشكل كبير على الصين.
بعد فترة وجيزة من نشر ترامب لمنشوره وارتفاع الأسواق، وقف بيسنت خارج مدخل الجناح الغربي موضحًا أن الاستراتيجية لتجميد بعض الرسوم الجمركية نوقشت يوم الأحد عندما التقى بالرئيس.
قال بيسنت: “أجرينا محادثة طويلة”، وأضاف: “كانت هذه استراتيجيته طوال الوقت”.
وقد تلقى بيسنت العديد من المكالمات القلقة من وول ستريت خلال عطلة نهاية الأسبوع، وشعر بقوة بأنه يجب عليه إقناع ترامب بضرورة التوقف المؤقت.
وجادل بأن هذا لن يُعتبر تراجعًا لأنهم كانوا بصدد عقد العديد من الصفقات.
لم يكشف بيسنت كثيرًا علنًا عن سبب انتظار الرئيس وفريقه حتى ظهر الأربعاء لتنفيذ القرار، مع قول ترامب إنه قرر الخطوة صباح الأربعاء.
وأوضح بيسنت أن أكثر من 75 دولة تواصلت لطلب عقد صفقات لتخفيف الرسوم الجمركية، مع وجود اليابان “في مقدمة الصف”.
من جانبهم قال أشخاص مطلعون على المناقشات إن قرار ترامب بمنح بيسنت مزيدًا من السلطة داخل فريق مستشاريه التجاريين كان مفتاحًا لهذا التغيير، إلى جانب المحادثات التي جرت يوم الأحد.
فقد سافر بيسنت إلى فلوريدا يوم الأحد، وتم تخويله بعد ذلك بالإدلاء بتصريحات علنية حول الصفقات، مما بعث الطمأنينة في نفوس العديد من المحيطين بترامب.
وعندما عاد الرجلان معًا إلى واشنطن على متن طائرة “إير فورس وان”، شجع بيسنت ترامب على التركيز على المفاوضات، وفقًا لشخص مطلع على المحادثة.
قال شخص تحدث مع ترامب إن عاملًا آخر جعله أكثر استعدادًا للتراجع عن الرسوم الجمركية هو أن العديد من الدول كانت تجري مفاوضات مع الإدارة.
فيما تأثر ترامب أيضًا بسوق الأسهم وسيل قادة الأعمال الذين أعربوا عن قلقهم من الرسوم.
وخلال الأيام القليلة الماضية، غمرت المكالمات الهاتفية هاتف كبيرة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، وفقًا لشخص مقرب منها.
وأشار أحد مساعدي البيت الأبيض إلى أن من المعتاد أن تتلقى كبيرة الموظفين اتصالات نيابة عن الرئيس.
وجاء الرسالة التي نُقلت إلى ترامب ومستشاريه الكبار من قبل الرؤساء التنفيذيين في سياق أنهم بحاجة إلى إيجاد “مخرج”.
تصرف ترامب بسرية. فقد قال لمستشاريه إنه مستعد لتحمل “الألم”، وفقًا لشخص تحدث إليه يوم الاثنين.
واعترف في السر بأن سياسته التجارية قد تؤدي إلى ركود، لكنه أضاف أنه يريد التأكد من أنها لا تسبب كسادًا، وفقًا لأشخاص مطلعين على المحادثات.
محبطون من قلة تأثيرهم على مسؤولي الإدارة، لجأ التنفيذيون المصرفيون إلى المشرعين الجمهوريين خلال الأيام الماضية للضغط على ترامب بشأن الرسوم الجمركية، حسبما أفاد أشخاص مطلعون على الأمر. وكانت رسالتهم أن ترامب سيتسبب في انهيار الاقتصاد.
كان ترامب أيضًا في وضع الاستماع. خلال الأيام القليلة الماضية، كان يسأل الأصدقاء والمستشارين عن الأسواق وأبدى اهتمامًا وثيقًا بمراقبتها.
وفي البيت الأبيض يوم الأربعاء، تناول الغداء مع المستثمر تشارلز شواب، والتقى بحاكمة ميشيغان الديمقراطية غريتشين ويتمر، التي حذرت من أن ميشيغان بدأت بالفعل تشعر بتأثير الرسوم الجمركية على صناعتها للسيارات — وهي أحداث جاءت بعد قراره ولكنها أشارت إلى أنه كان يجمع آراء متنوعة.
مساء الثلاثاء، قال ترامب إنه استوعب الأخبار السيئة بشأن انهيار سوق السندات. وقال يوم الأربعاء عن سوق السندات: “رأيت الليلة الماضية أن الناس بدأوا يشعرون ببعض الدوار”.
بصفته مستهلكًا نهمًا للأخبار التلفزيونية، قال ترامب إنه شاهد مقابلة ديمون صباح الأربعاء مع ماريا بارتيرومو على قناة فوكس بزنس.
خلال المقابلة، قال ديمون إن الركود كان “نتيجة محتملة” للبرنامج الجديد للرسوم الجمركية، لكنه دافع أيضًا عن فكرة بعض الرسوم كوسيلة لتحسين التجارة.
وحث الرئيس على منح بيسنت وقتًا لعقد صفقات. قال ديمون: “أنا أتعامل مع الأمر بهدوء، لكنه قد يزداد سوءًا”.
قال أشخاص مطلعون على الأمر إن ديمون لم يجر محادثة جوهرية مع ترامب منذ سنوات. وعلى الرغم من أن ظهوره على قناة فوكس بزنس كان مخططًا له منذ فترة، إلا أن ديمون كان يعلم أن ترامب ودائرته المقربة غالبًا ما يشاهدون فوكس وأن رسالته ستصل إليهم على الأرجح.
قال ترامب للصحفيين يوم الأربعاء إنه كان يفكر في تعليق الرسوم الجمركية “على مدار الأيام القليلة الماضية”، مضيفًا أن “القرار ربما تبلور صباح هذا اليوم، في وقت مبكر نسبيًا”.
وأشار إلى أنه لم يستشر محامين لصياغة إعلانه، بل اعتمد على مدخلات من بيسنت ولوتنيك. قال ترامب: “كتبناه من قلوبنا”، مضيفًا: “لا نريد إيذاء دول لا تحتاج إلى الإيذاء، وكلهم يريدون التفاوض”.
خلال يوم الأربعاء، انتشر كبار مسؤولي الإدارة لمقابلة المشرعين، دون الكشف عن الإعلان المرتقب.
كان الممثل التجاري الأمريكي، جايمسون غرير، يدلي بشهادته حول الرسوم الجمركية أمام لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب عندما أعلن ترامب عن التراجع. وبعد نحو 20 دقيقة من إعلان ترامب، سأل النائب ستيفن هورسفورد (ديمقراطي من نيفادا) غرير عما إذا كان على علم بالتوقف المؤقت.
قال غرير: “نعم، أنا على علم. أفهم أن القرار اتُخذ قبل بضع دقائق. كان قيد المناقشة”.
غضب هورسفورد وقال: “هذا تصرف هاوٍ، يجب أن يتوقف. كيف تكون مسؤولًا عن المفاوضات إذا كان الرئيس يغرد بهذا من أي مكان؟”
واستخدم ترامب منصته على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر تعليقات مشجعة حول سوق الأسهم صباح الأربعاء. كتب: “ابقوا هادئين! كل شيء سينتهي بشكل جيد” في الساعة 9:33 صباحًا بتوقيت الساحل الشرقي.
ثم كتب: “هذا وقت رائع للشراء!!! دي جي تي” الساعة 9:37 صباحًا. وقال مسؤول في الإدارة إنه لم يكن قد تم اتخاذ القرار في تلك اللحظة.
قال مارك شورت، الذي شغل منصب رئيس موظفي نائب الرئيس السابق مايك بنس: “أصبح من الواضح مدى عدم منطقية هذه الاستراتيجية، ليس فقط في الأسواق، بل مع توقعات بتخفيضات أعمق عبر الاقتصاد”.
وأضاف شورت: “إنه (ترامب) يدرس الأسواق بعناية ويتحدث إلى الكثير من الأشخاص خارج البيت الأبيض أيضًا”.
صوّر بيسنت ومسؤولون آخرون في البيت الأبيض خطوة ترامب كجزء من استراتيجية تفاوض حيث اتخذ ترامب موقفًا متشددًا لدفع العالم إلى طاولة المفاوضات.
وأشاروا إلى أن الصين خُصّت برسوم إضافية لأنها ردت على الولايات المتحدة.
وسارع المراقبون الخارجيون الذين كانوا قلقين من الرسوم الجمركية إلى تعزيز رسالة البيت الأبيض الجديدة
