يُعرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتبنيه لأسلوب سياسي وأمني قائم على المواجهة والضغط الاستراتيجي، وهو ما تجلى مؤخرًا في تعاطيه مع التصعيد الإيراني.
وقد وصفت مجلة لوبس الفرنسية هذا النهج بـ”دبلوماسية البازوكا”، في إشارة إلى استخدامه التهديد بالقوة العسكرية كأداة سياسية، وليس فقط كخيار دفاعي أو هجومي مباشر.
ترى المجلة أن نتنياهو، الذي يواجه داخليًا أزمات سياسية وشعبية متراكمة، يسعى إلى تحويل هذا التصعيد إلى فرصة لرسم قواعد جديدة في العلاقات مع إيران، وتحقيق مكاسب إقليمية دون الانجرار الفوري إلى حرب شاملة.
تقول المجلة الفرنسية إن خلف هذه المقاربة يكمن هدف أكثر تعقيدًا، يتمثل في إجبار إيران على التفاوض غير المباشر، أو القبول بتوازن جديد للقوة والنفوذ في المنطقة. فنتنياهو يدرك أن إيران، رغم نبرة التحدي، لا تزال حريصة على عدم الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية وضغوط الداخل الإيراني.
في المقابل، تريد طهران أن تثبت قدرتها على الردع الإقليمي، لكنها لا تبحث عن حرب مباشرة قد تعيدها إلى العزلة الدولية الكاملة. لذا فإن “دبلوماسية البازوكا” قد تكون، بحسب المحللين الذين استشهدت بهم المجلة، محاولة إسرائيلية لتثبيت خطوط حمراء، لا لتجاوزها.
من جهة أخرى، تشير المجلة إلى أن واشنطن، التي تشكل عاملًا حاسمًا في أي تحرك واسع النطاق، لا تزال تبعث برسائل مزدوجة.
فبينما تعلن دعمها لأمن إسرائيل، تلتزم الحذر في الانخراط الفعلي في صراع ضد إيران، ما يُضعف من احتمالات الحرب المفتوحة ويقوي فرضية التصعيد المحدود القابل للضبط. هذا التردد الأمريكي يمنح نتنياهو مساحة لاتباع سياسة الحافة، دون أن يخسر الغطاء الدولي بالكامل، وفي الوقت نفسه يختبر ردود الفعل الإقليمية والدولية.
وترى لوبس أن ما يجري قد يكون في جوهره صراعًا على قواعد الاشتباك وليس معركة نهائية. فإسرائيل تسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني على حدودها الشمالية وفي الداخل السوري، وإيران تحاول رفع ثمن أي محاولة لعزلها أو ضرب أذرعها.
وفي هذا السياق، يصبح استخدام القوة، أو التهديد بها، أداة لتقوية الموقع التفاوضي وليس لكسر التوازن بالكامل. المجلة تختم بأن المشهد الحالي، رغم خطورته، لا يزال ضمن حدود الضغط السياسي المعزز بالقوة، وليس اندلاعًا لحرب لا رجعة فيها.