طرابلس
تُعيد روسيا رسم خريطة نفوذها في أفريقيا، باتجاه شرق ليبيا، بعد خسارتها لمواقع استراتيجية في سوريا إثر سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. وتكثّف موسكو منذ ذلك الحين وجودها العسكري في ليبيا، مستفيدة من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد.
وتُظهر صور أقمار صناعية ومصادر أمنية قيام روسيا بإعادة تشغيل قاعدة “معطن السارة” في جنوب شرق ليبيا، وتوسيع قاعدة “الخادم” الجوية شرق بنغازي، في وقت أكدت فيه تقارير غربية تحركات لطائرات شحن ضخمة تنقل معدات عسكرية من سوريا إلى ليبيا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمهيد لتوسيع الحضور الروسي في منطقة الساحل والصحراء.
ويأتي هذا التمدد وسط دعم واضح من روسيا لقوات اللواء خليفة حفتر، الذي يسيطر على موانئ ومطارات حيوية شرقي ليبيا. وتشير تقارير أمنية إلى استخدام هذه القواعد كنقاط انطلاق نحو تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو، حيث تنشط قوات “الفيلق الأفريقي” المدعومة من موسكو بعد انسحاب القوات الغربية.
وتُعرب دول أوروبية، لا سيما إيطاليا واليونان، عن قلقها من هذا التمدد الروسي، الذي يُهدد الأمن في جنوب المتوسط ويعيد سيناريو “تسليح الهجرة” كما حدث في أوروبا الشرقية. كما كشف مركز صوفان للأبحاث أن الولايات المتحدة بدأت بإعادة النظر في عزل حفتر، ضمن محاولة لاحتواء النفوذ الروسي المتزايد.
وفي ظل انهيار القاعدة الروسية في سوريا وتراجع قدرة موسكو على دعم نظام الأسد، باتت ليبيا تمثل ركيزة استراتيجية للكرملين لتعويض خسائره ومواصلة مشروعه التوسعي في أفريقيا. ومع تزايد التدخلات الأجنبية، تبدو ليبيا على مشارف تحوّلها إلى ساحة مواجهة بالوكالة بين روسيا والغرب، مما يهدد مستقبل الاستقرار الإقليمي.