“ليلةُ القدر”.. شعر: سليمان عبد الشافي العَزَب

مَتِّع فؤادكَ في حِمى رمضانِ
بخميلة الرحماتِ والغفرانِ
واستقبل الشهر العظيم بهمةٍ
إن كنت تبغي طاعة الرحمنِ
شهرٌ أراد الله أن يهديكهُ
من فضلهِ عطفًا على الإنسانِ
هو منحةُ اللهِ العظيم لأمةٍ
عرفته قبل الشركِ والأوثانِ
عبدوه رحمانًا بهم فاستنشقوا
ورد المُنى بحدائق الريحانِ
فيه المساجد والمآذن أشرقت
مزدانةً بتلاوة الفرقانِ
الدهرُ أفراحٌ بشِرعَةِ أحمدٍ
والدينُ سطّر حبه ببيانِ
الكلُ يمشي عابدًا متبتلاً
أو قانتًا في طاعةِ الديانِ
إبليس قُيّدَ بالسلاسل فاحذروا
أن تُخدَعوا بوساوسِ الشيطانِ
*****
خيرُ الشهور أتيتنا في فرحةٍ
فكأنما لقياك بعض ثوان
لا لا تُعجّل بالرحيل فقُبلةٌ
أشتاقها من خدكَ المزدانِ
لكن قلبي مشرقٌ بك يحتفي
وجوارحي كالعاشقِ الولهانِ
القِبلةُ الغراءُ كانت حجرتي
ولربّ وَتَرٍ جاء في إذعانِ
كنا نودك أن تظل ملازما
نقضي نهارك في هنا وأمانِ
ما الجوع إلا عادة إن حُصّنت
بالخُلق كانت للسمو معاني
وتخص ليلك بالصلاةِ جماعة
وتظلّ ورد الوعظ للظمآنِ
*****
شهرُ الصيام إليك كل تحيتي
لم يثنني عن بذلها من ثانِ
أهديكها من قلبيَ الحُر الذي
ما مال في يومٍ إلى طغيانِ
يهوى الحياة خميلةً جذلانةً
لتظل أيام السلام دواني
لا يعرف الأحقاد إلا أنه
ما زال من كيد الأنام يعاني
هم ظالموه وحاسدوه وإنه
سيظل روض البر والإحسانِ
*****
ها قُم تر الأطفال في تغريدةٍ
وعلى وجوه اليتم كل أغانِ
كانت مصابيح الشموع مضاءةٌ
في شهرهم ليكون فجر تهانِ
اللهو والسمر البريء حظى بهم
لتظل عيدهمُ قبيل أوانِ
سعد الفقير, فبالزكاة تعاطفٌ
والدينُ فيه تقاربٌ وتدانِ
*****
يا ليلة القدر التي نهفو لها
كالأذن تعشق ساحر الألحانِ
يا ليلة التكريم من رب سما
بوركتِ يا قدسية القرآنِ
“الرُّوح والملأ الملائك” أُنزلوا
فيها لنقدر فضلها الربَّاني
هي عند رب الكون أكرم ليلةٍ
قد صوّرت ربَّاهُ في وجداني
*****
يا ألف شهرٍ في القبول مثابة
كم فيك من عزٍّ ومن رجحانِ
يا ليت ربي أن تكون مسامحي
ليزول ما عانيت من أدرانِ
ولأمحـوَ الأخطاء من عمري الذي
لم يخْلُ آوِنَـة من العصيانِ
*****
رحماك مولى الناس أعلي مكانتي
بالقدر إن قدَّرت في ميزاني
واجعل حياتي إن سمحت مضاءةً
بالعلم والإخلاص والإيمانِ
يا رب أنت خلقتني وجعلتني
كالطير في قفص الحديد يعاني
ماذا سأفعل والشباب مَخاطِـرٌ
والجهلُ أحمق طائش البنيانِ
إني وإن أسرفت عفوك سلوتي
ورضاك يا ربي شفيع هواني
يا رب إن أخطأت فهذي توبتي
مقبولةٌ في ليلة الغفرانِ
*****
يا ليلة القدر اهزمي أعداءنا
فالقدسُ لم تك عُرضة لهوانِ
والصخرةُ الشمّاءُ تشكو ضعفنا
وتقول هُبوا يا بني قحطانِ
*****
يا رب لم نكُ خاذليك ولم نكن
إلا شموع العلم والعرفانِ
ما بالنا؟! ما فعلتَ بأمةٍ
تغلي من الآلام كالبركانِ
أنت القوي وقد عرفنا ضعفنا
فإليك نشكو شدة الخفقانِ
*****
يا رب حَطّم كل من غدروا بنا
واخذل بقهرك دولة العدوانِ
يا رب وحّدنا وأصلح حالنا
وأتح لفعل الخير كل مكانِ
واكتب لمصر وللعروبة نُصـرةً
واحفظ زعيمي رافع الأوطـانِ
في ليلة القدر التي نشتاقها
ونجلّها في رِفعةٍ وحنانِ
*****