تقارير

مأساة إيران البيئية والإنسانية: انفجار ميناء يهدد الخليج ويثير الاحتجاجات

في ظهر يوم السبت 26 أبريل 2025، وقع انفجار هائل في ميناء رجائي، أكبر ميناء تجاري في إيران، الواقع في مدينة بندر عباس، ليتحول إلى واحدة من أكثر المآسي الوطنية إيلاماً في تاريخ إيران الحديث.

أفادت وكالات الأنباء الحكومية يوم الحادث أن هذه الفاجعة أودت بحياة ما لا يقل عن 18 شخصاً، وأصابت المئات، وتركت 6 أشخاص في عداد المفقودين، كما تسببت في خسائر اقتصادية هائلة في البنية التحتية التجارية للبلاد.

وقال الباحث  والكاتي الإيراني حسن محمودي في تصريحات لجريدة الأمة الإليكترونية ”  أثارت هذه الكارثة موجة من الغضب والحزن والاحتجاجات بين الإيرانيين داخل البلاد وخارجها، حيث كانت أبعادها واسعة لدرجة استدعت ردود فعل متنوعة من الشعب والسلطات والمعارضة والمجتمع الدولي.

ومضي محمود للقول :لقد وقع الانفجار بقوة هائلة هزت المنطقة، حيث سمع دويه في دائرة امتدت لعشرات الكيلومترات، وتحطمت نوافذ المباني المجاورة.

انفجار بندر عباس
انفجار بندر عباس

وبحسب محمودي فقدأفاد شهود عيان أن ألسنة اللهب ارتفعت لأكثر من 50 متراً في السماء، وغطت سحابة دخان كثيفة المنطقة. اندلع الحادث في مستودع يحتوي على مواد كيميائية خطرة، من بينها بيركلورات الصوديوم، وهي مادة شديدة الاشتعال تُستخدم في صناعة وقود الصواريخ.

واردف :أسفر الانفجار عن مقتل 18 شخصاً على الفور، لكن الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى، إذ كان العديد من عمال الميناء موجودين في الموقع وقت الحادث، وربما دفنوا تحت الأنقاض. كما أصيب المئات بحروق شديدة وجروح نتيجة الانفجار وتسمم تنفسي بسبب الغازات السامة المنبعثة.

الأضرار الاقتصادية

ووفقا للباحث الإيراني يُعد ميناء رجائي شريان التجارة البحرية في إيران، حيث يمر عبره أكثر من 80% من الصادرات والواردات حيث  أدى الانفجار إلى توقف العمليات بالكامل، مع تدمير الأرصفة والرافعات والمستودعات، مما تسبب في خسائر تقدر بالمليارات من الدولارات، وعطل سلاسل توريد السلع الأساسية.

تسبب تسرب المواد الكيميائية والكلام مازال لمحمودي  إلى مياه الخليج الفارسي في تلوث خطير، حيث لوحظت أعداد كبيرة من الأسماك النافقة، وأُبلغ عن تدهور سواحل المنطقة، مما يشكل تهديداً كبيراً للنظام البيئي.

واضاف الباحث الإيراني لم تكن هذه الفاجعة مجرد حادث صناعي، بل كشفت عن أزمة إدارية عميقة وإهمال واضح لسلامة المواطنين، مما أثار غضباً شعبياً عارماً.

دور الحرس الثوري والسياسات العسكرية للنظام

أظهرت التحقيقات الأولية بحسب محمودي  أن الانفجار نجم عن تخزين غير قانوني وغير آمن لمواد كيميائية خطرة تحت إشراف الحرس الثوري الإسلامي. كانت مادة بيركلورات الصوديوم، المستخدمة في برامج الصواريخ، مخزنة دون مراعاة معايير السلامة.

وانتقد إعطاء  الحرس الثوري الأولوية لتطوير الأسلحة والصواريخ الباليستية على حساب الاستثمار في البنية التحتية للسلامة أو تدريب العاملين. افتقرت المستودعات إلى أنظمة التبريد والتهوية والإجراءات الأمنية اللازمة.

بينما يعاني الإيرانيون من الفقر ونقص الخدمات الأساسية، يُنفق النظام موارده الضخمة على مشاريع عسكرية تهدد المنطقة وتعرض حياة المواطنين للخطر.

انفجار بندر عباس

واوضح الباحث الإيراني أن هذا الحادث  لم يكن الأول، فقد شهدت قاعدة بيدجنه العسكرية انفجاراً مماثلاً في 2011، وتكررت حوادث أخرى تكشف عن نمط من الإهمال الممنهج الذي يهدد حياة المدنيين باستمرار.

وقد أثبتت هذه الفاجعة والكلام مازال لمحمودي  أن السياسات العسكرية للنظام والحرس لا تخدم الشعب، بل تعاديه بشكل مباشر.

جهود السلطات للتستر على الحقيقة

منذ الساعات الأولى، حاولت السلطات إخفاء مسؤوليتها ودور الحرس من خلال:

  1. الرواية الرسمية: زعمت الحكومة أن الانفجار ناتج عن “خلل فني” دون ذكر المواد العسكرية أو تورط الحرس.
  2. التناقضات: كشفت تقارير مستقلة وصور أقمار صناعية وشهادات العمال عن وجود مواد متفجرة تحت سيطرة الحرس، مما يناقض الرواية الحكومية.
  3. اتهام الخارج: ادعت وسائل إعلام النظام أن الحادث “عمل تخريبي” من إسرائيل أو أمريكا، دون أدلة.
  4. الرقابة: تم تهديد الصحفيين وتقييد الإنترنت في المنطقة لمنع تسريب المعلومات.

رغم هذه المحاولات، فشلت السلطات في منع انتشار الحقائق عبر الشبكات الاجتماعية والإعلام الخارجي.

وقد أشعل الانفجار غضباً شعبياً واسعاً، حيث خرج الناس إلى الشوارع في بندر عباس ومدن أخرى مثل طهران وشيراز وأصفهان:

  • الشعارات: رفع المتظاهرون شعارات مثل “الحرس يرتكب الجرائم والحكومة تدعمه” و”لا نريد صواريخ، نريد الخبز”.
  • المساعدات الشعبية: قدم المواطنون مساعدات تطوعية للمتضررين في ظل تقاعس الحكومة.

وقد عكست هذه التحركات انهيار الثقة بالنظام وتحول الفاجعة إلى محفز للاحتجاجات.

موقف المقاومة الإيرانية ومريم رجوي

نددت المعارضة، بقيادة مريم رجوي، بالحادث واعتبرته نتيجة سياسات النظام الحربية. قالت رجوي في رسالة مصورة:

  • “النظام الملالي ينهب ثروات الأمة وينفقها على الصواريخ والأسلحة، مهدداً أمن المنطقة وحياة الشعب.”
  • “انفجار بندر عباس جرس إنذار يثبت أن هذا النظام يجلب الدمار والموت لإيران.” وطالبت بمحاكمة قادة النظام والحرس دولياً، داعية المجتمع الدولي لوقف برامج النظام العسكرية.

وفي نفس السياق نظمت الجاليات الإيرانية مظاهرات في مدن مثل لندن وباريس وتورنتو ولوس أنجلوس:

  • التظاهرات: رفع المتظاهرون لافتات مثل “الحرس إرهابي” و”العدالة لضحايا بندر عباس”.
  • الحملات الإلكترونية: جُمعت تبرعات لدعم الضحايا، وطالب النشطاء بفرض عقوبات على النظام.
  • دعم المقاومة: أعاد الكثيرون نشر رسائل رجوي، مؤكدين دعمهم لإسقاط النظام.

أظهرت هذه التحركات وحدة غير مسبوقة بين الإيرانيين داخل وخارج البلاد.

ووفقا لتصريحات الكاتب الإيراني كشف انفجار بندر عباس عن فشل النظام في إدارة البلاد، وأولويته العسكرية على حساب الشعب. لم يكن الحادث مجرد كارثة، بل نقطة تحول قد تؤدي إلى تغييرات جذرية. لمنع تكراره، داعيا إلي :

  1. تحقيق دولي: على الأمم المتحدة التحقيق في الحادث ودور الحرس.
  2. عقوبات: فرض عقوبات على قادة الحرس وبرامج الصواريخ.
  3. دعم الشعب: يجب على الدول الديمقراطية مساندة مطالب الإيرانيين بالعدالة.

وخلص في النهاية للقول قد تكون هذه الفاجعة بداية نهاية عقود من القمع، إذا استثمرها الشعب والمجتمع الدولي بشكل صحيح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى