تميز حضور ماليزيا في الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام بسلسلة من البيانات الجريئة، مع التركيز على العدالة لفلسطين، وإصلاح الأمم المتحدة، ومعالجة الأزمة في ميانمار بينما تستعد البلاد لرئاستها لرابطة دول جنوب شرق آسيا في عام 2025.
وفي كلمته أمام المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة السبت، وجه وزير الخارجية الماليزي داتوك سيري محمد حسن نداء قويا من أجل التنفيذ الكامل للقرار ES-10/24، وحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على التصرف بشكل حاسم لوقف أنشطة الاستيطان الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد محمد أن المجتمع الدولي دعم بشكل كبير هذا القرار، وأكد أنه يمثل الإرادة الدولية لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني. ولكنه أشار أيضا إلى أن تقاعس مجلس الأمن الدولي، والذي يرجع إلى حد كبير إلى حق النقض الذي تتمتع به بعض الدول الدائمة العضوية، لا يزال يعوق التقدم.
وقال محمد حسن “إننا نطالب هذا المجلس بدعم التنفيذ الكامل للقرار”، داعياً إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحل الصراع الطويل الأمد في غزة والأراضي المحتلة على نطاق أوسع. كما انتقد مجلس الأمن لفشله في القيام بدوره المنصوص عليه في الميثاق، وربط استمرار العنف في غزة ولبنان بشكل مباشر بشلل المجلس.
وكان إصلاح الأمم المتحدة محوراً رئيسياً آخر في رسالة ماليزيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة ودعا محمد إلى إجراء إصلاحات عاجلة لحق النقض في مجلس الأمن الدولي، والذي قال إنه أعاق جهود السلام العالمية لفترة طويلة.
وأضاف أن “حق النقض يجب أن يكون محدودا. والعالم يراقب مجلس الأمن وهو يكافح لتحرير نفسه من الجمود، حيث يمكن لصوت واحد أن يتغلب على الأغلبية ويدعم الانتهاك المستمر للقانون الدولي”، مشيرا إلى الإحباط المتزايد داخل الأمم المتحدة بسبب عجز المجلس عن التصرف بشكل حاسم بشأن القضايا الحرجة، من فلسطين إلى الصراعات العالمية الأخرى.
وإلى جانب القضية الفلسطينية، وجهت ماليزيا اهتمامها أيضاً إلى الأزمة في ميانمار، حيث لا تزال أعمال العنف المستمرة والأزمات الإنسانية تعصف بالبلد الذي تحكمه المجلس العسكري وبينما تستعد ماليزيا لتولي رئاسة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في عام 2025، أكد محمد التزام البلاد بمعالجة قضية ميانمار من خلال إطار رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وأشار محمد إلى أهمية آلية الترويكا التابعة لرابطة دول جنوب شرق آسيا، والتي تضم لاوس وإندونيسيا وماليزيا، في العمل بشكل جماعي لإيجاد حل.
وأكد أيضا أن التعاون العالمي، بما في ذلك الدعم من القوى الكبرى والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، أمر حيوي لحل الأزمة، التي وصفها بأنها تحدي يمتد إلى ما هو أبعد من حدود ميانمار “لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي في وقت أصبحت فيه ميانمار أيضًا بمثابة مركز لتهريب المخدرات، واحتيال الوظائف، والمقامرة عبر الإنترنت.
وقال إن “هذه القضايا لم تعد داخلية بل لها عواقب بعيدة المدى على المنطقة”، مؤكدا على الحاجة إلى نهج جماعي لرابطة دول جنوب شرق آسيا تجاه الأزمة وفي حين كانت البيانات الوطنية الماليزية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مهمة، فإن مشاركة محمد على هامش القمة العالمية كانت بنفس القدر من الأهمية.
خلال اجتماعه مع دبلوماسيين رئيسيين وأصحاب المصلحة الدوليين، ناقش وزير الخارجية سبل تعزيز العلاقات الثنائية وبناء الدعم العالمي لمواقف ماليزيا بشأن فلسطين والإسلاموفوبيا وقيادة رابطة دول جنوب شرق آسيا.
وتعتبر هذه الاجتماعات الجانبية، على الرغم من إغفالها في كثير من الأحيان، حاسمة في تعزيز النفوذ الدبلوماسي الماليزي وتأمين الدعم لمبادراتها على الساحة العالمية.
وعلى مدار الأسبوع، عقد محمد اجتماعات ثنائية مع كبار قادة العالم، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المغتربين المصري الدكتور بدر عبد العاطي.
خلال زيارته، أمضى محمد أيضًا بعض الوقت مع الجالية الماليزية، وتبادل معهم الأفكار حول دور ماليزيا على الساحة العالمية.
وقد ترك رسالة صادقة لجميع الماليزيين، شجعهم فيها على العمل كـ “سفراء” من خلال عرض قيم ماليزيا وبناء الجسور بين البلاد والعالم وحثهم قائلاً: “أنتم ممثلو ماليزيا في الخارج، وبالتعاون معًا يمكننا تعزيز حضور أمتنا على المستوى الدولي”.
في الوقت الذي يواجه فيه العالم التوترات الجيوسياسية المتزايدة، فإن قيادة ماليزيا ودعواتها إلى العمل في الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة تشير إلى موقف البلاد الاستباقي في الدعوة إلى العدالة وإصلاح الأمم المتحدة والاستقرار الإقليمي.
مع تولي ماليزيا رئاسة رابطة دول جنوب شرق آسيا، فإنها على استعداد للعب دور أكبر في الدبلوماسية العالمية، والدفاع عن الإصلاحات التي تعزز السلام والأمن والتعاون في جميع أنحاء المجتمع الدولي. – برناما