في ظل التصعيد العسكري غير المسبوق في المنطقة، شهدت غزة قصفًا إسرائيليًا مكثفًا بالتزامن مع هجمات صاروخية إيرانية على مواقع إسرائيلية في 13-14 يونيو 2025. أثارت هذه التطورات تساؤلات حول تأثير الضربات الإيرانية على الوضع في غزة، وما إذا كانت قادرة على تخفيف الحصار المستمر منذ 16 عامًا أو تمهيد الطريق لتحرير القطاع من الاحتلال الإسرائيلي .
شهدت غزة ليلة 13-14 يونيو 2025 قصفًا إسرائيليًا عنيفًا استهدف أحياء مكتظة في خان يونس، جباليا، الشجاعية، ورفح، مما أدى إلى استشهاد العشرات، بينهم نساء وأطفال، وإصابة المئات، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. كما استهدفت إسرائيل طواقم توزيع المساعدات في محور نتساريم، ما أسفر عن مقتل 13 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 200، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا). في المقابل، نصبت المقاومة الفلسطينية كمينًا لدورية إسرائيلية شمال غزة باستخدام صاروخ مضاد للدروع، مما تسبب في إصابات بين الجنود الإسرائيليين، حسب وسائل إعلام عبرية.
على الرغم من الضربات الإيرانية، لم تتراجع وتيرة القصف الإسرائيلي، حيث أفادت تقارير بتدمير مربعات سكنية بأكملها في الشجاعية ورفح صباح 14 يونيو، مما يشير إلى استمرار الضغط العسكري على القطاع.
الضربات الإيرانية على إسرائيل
فجر 14 يونيو 2025، نفذت إيران هجومًا بمئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مواقع عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك منصات دفاع جوي ومنظومة “القبة الحديدية”. أفادت القناة 14 الإسرائيلية بأن إحدى الضربات استهدفت تل أبيب، مما أدى إلى مقتل امرأة إسرائيلية وإصابة 70 آخرين، مع “دمار غير مسبوق” في البنية التحتية. وتداول ناشطون على منصة X أنباء عن استهداف مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية بصاروخ “فتاح-2” فرط صوتي، لكن هذه المعلومات لم تُؤكد رسميًا.
اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس إيران بـ”تجاوز الخطوط الحمراء”، بينما أشارت تقارير إسرائيلية إلى سحب وحدات من غزة لتعزيز الجبهة الشمالية، مما قد يخلق ثغرات ميدانية لصالح المقاومة الفلسطينية. ومع ذلك، لم تغير الضربات الإيرانية قواعد الاشتباك في غزة بشكل فوري، حيث واصلت إسرائيل خططها لتوسيع العملية البرية في القطاع.
أثارت الضربات الإيرانية تفاؤلاً بين بعض سكان غزة، الذين عبّروا عبر منصة X عن أملهم في أن تُشتت هذه الهجمات تركيز إسرائيل، مما قد يخفف القصف على القطاع. لكن هذا التفاؤل لم يترجم إلى تغييرات ميدانية ملموسة، حيث استمر القصف الإسرائيلي المكثف. يرى مراقبون أن الضربات الإيرانية أربكت الحسابات العسكرية الإسرائيلية، خاصة مع سحب بعض الوحدات من غزة، لكنها لم تؤدِ إلى تخفيف الحصار أو تغيير استراتيجي لصالح الفلسطينيين حتى الآن.
أعلنت الأمم المتحدة انقطاع الإنترنت والاتصالات بشكل كامل في غزة نتيجة أضرار الكابلات الرئيسية بسبب القصف، مما أعاق عمليات الإغاثة وتوثيق الانتهاكات. حذرت منظمة “أوتشا” من أن الأوضاع في غزة بلغت أسوأ مراحلها منذ 18 شهرًا، مع انتشار المجاعة وانهيار أنظمة المياه والصرف الصحي. كما أشارت بلدية غزة إلى انهيار وشيك في منظومة المياه الصالحة للشرب، وسط إغلاق إسرائيل للمعابر ومنع دخول المساعدات.
تفاقمت الأزمة بسبب سرقة شاحنات المساعدات وبيعها في السوق السوداء، مما زاد من ارتفاع أسعار المواد الأساسية بنسب تصل إلى 50 ضعفًا، وفقًا لشهادات سكان غزة.
هل تمهد الضربات الإيرانية لتحرير غزة؟
رغم الصدمة الاستراتيجية التي شكلتها الضربات الإيرانية لإسرائيل، فإنها لم تؤدِ إلى تغيير جوهري في الوضع بغزة. يرى محللون أن تأثيرها قد يقتصر على إرباك العمليات العسكرية الإسرائيلية مؤقتًا، خاصة إذا طال أمد الصراع، مما قد يجبر إسرائيل على إعادة توزيع مواردها العسكرية بعيدًا عن غزة. ومع ذلك، استمرار القصف الإسرائيلي وخطط توسيع العملية البرية يشيران إلى أن تحرير غزة يظل مرهونًا بضغط إقليمي ودولي أكثر فعالية، مع انسحاب إسرائيلي شامل ورفع الحصار.
تشير منشورات على منصة X إلى أن بعض الفلسطينيين يرون في الضربات الإيرانية فرصة لتخفيف الضغط على غزة، لكن آخرين يعتبرونها استعراضية وغير كافية مقارنة بصمود المقاومة الفلسطينية. يبقى الوضع معقدًا، حيث يتطلب تحرير غزة حلولًا سياسية وعسكرية شاملة، بعيدًا عن التصعيدات المؤقتة.
الضربات الإيرانية في يونيو 2025 شكلت ضغطًا عسكريًا على إسرائيل، لكنها لم تُخفف العدوان على غزة أو تُغير قواعد الاشتباك بشكل استراتيجي. استمرار القصف الإسرائيلي، تفاقم الأزمة الإنسانية، وغياب ضغط دولي فعّال يعزز المعاناة في القطاع دون بوادر لتحرير وشيك. يتطلب تغيير الوضع تدخلات إقليمية ودولية أقوى، مع دعم مستمر لصمود المقاومة الفلسطينية.