أخبارحوارات

مثنى الضاري: العملية السياسية في العراق غير قابلة للإصلاح

عمان-الأمة| حوار محمد أبو سبحة-  في الذكرى السادسة عشر لتأسيس هيئة علماء المسلمين في العراق، كان لصحيفة (الأمة) فرصة إجراء حوار مع فضيلة الدكتور مثنى حارث الضاري، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين العراقية، في العاصمة الأردنية عمان، تزامنًا مع عقد مؤتمرها العلمي الثالث تحت عنوان (الحركتان العلمية والفكرية في العراق في العصر الحديث)، والذي شارك به أكثر من 80 باحثًا من مختلف دول العالم.

الشيخ الدكتور مثنى حارث الضاري يحمل درجة الدكتوراة في أصول الفقه الإسلامي، وعمل أستاذا بكلية العلوم الإسلامية جامعة بغداد حتى عام 2004، وهو من الشخصيات البارزة في الهيئة منذ تشكيلها على يد والده الشيخ الراحل الدكتور حارث الضاري المتوفي سنة 2015 في عمان.

حمل لواء الهيئة الدكتور مثنى حارث الضاري منذ عام 2015، بعد وفاة الضاري الأب والذي لازلت أذكر المشهد المهيب لتشييع جنازته في الأردن،  بمشاركة شخصيات ذات ثقل سياسي وعشائري وديني في العراق والأردن، بما يعكس مكانة الشيخ التي برزت بمواقفه الشجاعة والقيادية المناهضة للاحتلال الأمريكي وتمزيق العراق بالطائفية والصراع على المناصب السياسية.أبرز المواقف السياسية للدكتور مثنى حارث الضاري تبنيه موقف مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق، وعدم اعترافه بمخرجات أي عملية سياسية في العراق منذ 2003.

تحرير العراق

•منذ الإعلان عن تأسيس هيئة علماء المسلمين في العراق في أبريل/ نيسان 2003 بالأيام الأولى لاحتلال العراق، لم تختلف مواقف الهيئة عن اليوم، وأبرزها رفض الاحتلال الأمريكي وطريقة الحكم الحالية في العراق، إضافة إلى تبني مواقف مدافعة عن أهل السنة الذي تم تهميشهم وإقصائهم، ومحاربة النفوذ الإيراني في العراق والمسيطر على العملية السياسية، إضافة إلى جهود إغاثية بالمناطق المتضررة.

اليوم ومع مرور 16 عاما على تأسيس هيئة علماء المسلمين، يؤكد الدكتور مثني حارث الضاري أن هدف الهيئة الرئيس كان ومازال: تحرير العراق وتخليصه من آثار الاحتلال السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، وتداعياته، التي من أبرزها الهيمنة الإيرانية المتغولة في العراق.

صلاح العملية السياسية بالعراق وهم كبير

•منذ تأسست هيئة علماء المسلمين، لم يتغير الموقف المعلن للهيئة من رفض المشاركة في العملية السياسية بعد عام 2003، حتى رغم كون طريقة الحكم الحالية أمرًا واقعًا لا يغيره الإحجام عن المشاركة فيها؛ إجابة عن استفسارنا عن سبب عدم مشاركة الهيئة بحزب سياسي في العراق تحقق من ورائه التغيير المنشود بالعملية السياسية، رد الشيخ “الضاري” بانفعال واضح، متسائلا: كيف يمكن إصلاح ما هو قائم على أصول غير صحيحة، من دستور مشوّه ونظام محاصة طائفية وعرقية واجتثاث ومصادرة للرأي؟، ثم كيف يمكن التلبس بالفساد والبطلان لتصحيحهما بعد أن بلغا قمتهما؟، فضلًا عن أن قواعد ومحددات (اللعبة السياسية) في العراق ليس فيها إمكانية الإصلاح، والدليل عدم قدرة أحد على ذلك على مدى (16) عامًا من المناداة بذلك حتى ممن دخلوا فيها. وختامًا بقول مختصر: العلمية السياسية في العراق خاضعة لإرادات دولية وإقليمية خارجية، وليست عملية سياسية يديرها أبناء الشعب العراقي بينهم حتى يمكن البحث في سبل الإصلاح المتصورة، التي لا تعدو عن كونها وهمًا كبيرًا، فهي عملية سياسية في ظل احتلال مزدوج ومستمر -أمريكا، إيران-.

ويشرح “الميثاق الوطني” الصادر عن هيئة علماء المسلمين الشهر الماضي، رؤية الهيئة للنظام السياسي الحاكم حاليَا في العراق، مؤكدا على أن “العملية السياسية الحالية، وما تمخض عنها من حكومات وسياسات، وما أفرزته من تشريعات وقوانين واتفاقات، وغير ذلك، جزء من مشروع الاحتلال، وهي مسؤولة كالمحتل عما لحق بالعراق ويلحق به من تداعيات خطيرة ومشينة أضرت به في شتى ميادين الحياة” مشددً على  أحقية شعب العراق في اختيار “حكومته بإرادته الحرة”، وتطبيق “مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”.

• الصراع الأمريكي والإيراني على النفوذ في العراق، متواصل، وبسؤال الشيخ الضاري عن أيهما أقدر على إخراج الآخر من العراق أمريكا أم إيران؟ أجاب بالقول: لم يحن وقت هذا السؤال بعد، فكلاهما يريد للآخر أن يبقى؛ فهما متعاونان ومشتركان في احتلال العراق والاستفادة منه، ولكن خلافهما في مقدار ووصف وطبيعة وجود الطرف الآخر، بحكم تنافسهما على مناطق النفوذ وثروات العراق والمنطقة.

شتات وضعف عربي

• تشغل قضية تهميش أهل السنة في العراق جانبًا كبيرًا من اهتمام الهيئة، وهي القضية التي برزت مع تولي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي منصبه خلال الفترة منذ 2006 وحتي 2014، حيث اتهم بإقصاء وتهميش السنة، وكانت ساحات اعتصام “الحراك الشعبي” في المحافظات السنية أبرز الأساليب التي سجل بها السنة اعتراضهم على ما يعانون منه. حول رؤية الدكتور مثنى حارث الضاري لخلاص أهل السنة من الاضطهاد والتهميش الذي يعانون منه في العراق، يقول: لا خلاص للعراق و(أهل السنة) منهم، إلا بحل عراقي شامل، يتجاوز الحلول الجزئية المطروحة، وبعيدًا عن الإرادات المتحكمة أمريكية كانت أو إيرانية، وبعيدًا عن الخلافات العربية البينية التي عمّقت من المشكلة والمأساة في العراق للأسف. وهذا غير متصوّر الآن في ظل حالة الشتات والضعف العربي والهوان أمام أمريكا وإيران.

• شهد العامين الأخيرين بذل الرياض جهودا في سبيل التقارب مع بغداد كان آخره افتتاح أربع قنصليات في العراق هذا الشهر، وكان سؤالنا هل تبشر هذه الخطوات بعودة العراق إلى الحاضنة العربية؟ ومن جانبه أجاب الدكتور مثنى الضاري بالقول: للأسف لا، لا التقارب السعودي ولا غيره قادر على ذلك، ولا أتوقع هذا قريبًا، فالأمر أكبر من ذلك، والمشكلة أعقد، وأي تقارب مع الأنظمة الحاكمة في العراق الآن، سوف يزيد من البعد العربي عن العراق، فولاء هؤلاء هو لغير العراق، فمنهم من (قبلته الدينية والسياسية) هي إيران، ومنهم من (قبلته السياسية) والمصلحية هي إيران، وهم مايسمون (سنة العملية السياسية)، وما تبقى من (سياسيين) هم شتاتٌ لا ناظم لهم ولا أثر يُذكر.

الوفاء لتاريخ العراق

• بمجهود كبير، عقدت هيئة علماء المسلمين العراقية، هذا الشهر مؤتمرها العلمي الثالث في العاصمة الأردنية عمان، بمشاركة 85 باحثا من مختلف دول العالم، وحول سبب اختيار الهيئة دراسة “الحركتان العلمية والفكرية في العراق” في مؤتمرها العلمي هذا العام، قال أمين هيئة علماء المسلمين في العراق: وقع الاختيار على هذا العنوان لأسباب عدة منها: الوفاء لتاريخ العراق الحديث والمعاصر وعلمائه ورموزه، وتوثيق تاريخ العراق الحديث بأيدٍ أمينة، وتعزيز الهوية العربية الإسلامية الحقيقية للعراق بعيدًا عن الهويات الفرعية والمشوّهة، وبناء قاعدة معلومات للدارسين والباحثين، وتعزيز الروابط العلمية والثقافية بين الباحثين العراقيين من مختلف الأطياف.

•منذ تأسيسها مورست تضيقات داخلية وخارجية على الهيئة وأنشطتها، مع ضغوط لحلها، وحول الأسلوب الذي تمارس به الهيئة نشاطها الإغاثي والإنمائي في الوقت الحالي داخل العراق في ظل عدم اعتراف رسمي وتضييق حكومي، يقول أمين عام الهيئة الدكتور مثنى الضاري: الجسم الأكبر للهيئة هو في داخل العراق؛ حيث يبلغ عدد أعضاء مجلس شورى الهيئة في الداخل قرابة (80) عضوًا، يشكلون ما نسبته (85 %) من أعضاء مجلس الشورى. وتمارس الهيئة عملها الإغاثي والدعوي والعلمي والاجتماعي والإعلامي داخل العراق، من خلال واجهات وجمعيات وروابط ومثابات أخرى؛ دفعًا للضرر وحماية للعاملين. وتعلن عن اسمها ونشاطاتها أحيانًا في الداخل بشكل صريح بفضل تعاون المستفيدين من خدماتها وتحملهم مسؤولية هذا الإعلان، وهو تعاون آخذ في التوسع والعناية أكثر فأكثر بسبب مصداقية عمل الهيئة وتلبيتها لطموح كثيرين في الداخل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى