الأمة: رأى العديد من الكُتّاب والمحللين أن إقرار برلمان الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست) لقانون بسط السيطرة والسيادة على الضفة الغربية، اليوم الأربعاء، يُعدّ تصعيداً خطيراً ضمن سياسات الاحتلال الرامية إلى فرض أمر واقع جديد،
من خلال السيطرة الكاملة على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تمهيد فعلي لضم الضفة، ووسيلة جديدة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة وترك الأرض، لتكون فريسة سهلة أمام الأطماع الاستيطانية.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عزام أبو العدس، إن هذا القرار بالقراءة التمهيدية يمثل “طلباً أولياً من برلمان الاحتلال لحكومته بتطبيق هذا القانون”،
موضحاً أن “اللجان المختصة يجب أن تقدم قراءة قانونية كاملة بشأن هذه الخطوة وفق التشريعات الإسرائيلية”.
وأضاف أبو العدس في حديث مع “وكالة قدس برس” أن “القرار ليس مجرد طرح للنقاش، بل هو قيد التنفيذ منذ أكثر من ١٠ سنوات. وما يجري الآن ليس سوى خطوة إجرائية للبدء الرسمي بتطبيق القانون على مراحل”.
وعن انعكاسات القرار على الفلسطينيين، أوضح أبو العدس أن “الضفة الغربية، وتحديداً مناطق C، ستُحوّل بموجب القانون الإسرائيلي إلى أراضٍ خاضعة بالكامل للسيادة الإسرائيلية،
ما يجعلها من الناحية القانونية مكافئة لتل أبيب. وسيتم التعامل مع السكان الفلسطينيين كمقيمين، لا كمواطنين، ما يعني تجريدهم من حقوقهم الأساسية”.
وأشار إلى أن “تنقّل الفلسطينيين داخل الضفة قد يصبح مشروطاً بالحصول على تصاريح وفقاً للقانون والمعايير الأمنية الإسرائيلية”،
لافتاً إلى أن القرار “سيوسّع نطاق تطبيق قانون الهدم، ما يهدد حوالي ٩٧ ألف مبنى في الضفة الغربية بالهدم، استناداً إلى خرائط صادرة عن جمعية ريغافيم الاستيطانية”.
كما نوه إلى أن “سكان المدن الرئيسية في الضفة سيخضعون لقانون الضرائب الإسرائيلي، كما هو حال سكان القدس، بينما تحصل المستوطنات على مزيد من الخدمات والامتيازات القانونية، ما يفتح الباب أمام توسع استيطاني غير مسبوق”.
وتابع: “من شأن هذه السياسات أن تضيق الخناق على الفلسطينيين في مناطق C، لدفعهم نحو الهجرة إلى المدن الكبرى، وهو ما سيؤدي إلى تحويل تلك المدن إلى مناطق مكتظة وفقيرة تعاني من البطالة والفوضى”.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني سامر عنبتاوي إن “هذا المخطط الإسرائيلي معد منذ سنوات طويلة، ويهدف إلى السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، ودفع الفلسطينيين نحو الهجرة، وتغيير الواقع السكاني والجغرافي تمهيداً لبسط السيطرة الأمنية والاقتصادية”.
وأضاف عنبتاوي في حديث مع ” وكالة قدس برس” أن “الممارسات على الأرض واضحة؛ من إطلاق العنان للمستوطنين، إلى تنفيذ الاقتحامات، ومصادرة الأموال،
وتقطيع أوصال الضفة، وفرض السيطرة على القرى، والاعتقالات المتكررة، والاجتياحات المستمرة للمخيمات”.
وأكد أنه في حال إقرار القانون نهائياً، فإن “60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية ستخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، بينما تُقسم المناطق المتبقية إلى كانتونات ذات إدارة ذاتية محدودة، ما يعني إلغاء أي تصور لحل سياسي قائم على وجود دولة فلسطينية مستقلة”.
ورأى عنبتاوي أن “القانون يستهدف في جوهره القضاء على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، بهدف تحويل الفلسطيني إلى إمّا مهاجر، أو مدفون تحت الأرض، أو خاضع لنظام عبودية اقتصادي وسياسي تحت سيطرة الاحتلال”.
ودعا إلى ضرورة “الإعداد الفلسطيني والعربي والإسلامي الواضح للتصدي لهذه الخطوات، وفضحها على المستوى الدولي باعتبارها مخالفة للقوانين الدولية وشرائع الأمم المتحدة”.
وشدد عنبتاوي على أهمية “إعادة تحديد الدور الوطني الفلسطيني، وتوحيد القيادة، وصياغة برنامج وطني واقتصادي مقاوم،
إلى جانب بناء تحالفات عالمية وإقليمية قوية، نظراً لخطورة المشروع الذي يتطلب وقفة جادة على المستويين المحلي والدولي لإفشاله”، على حد تعبيره.
وكان برلمان الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست)، صوّت اليوم الأربعاء، على بيان يدعم فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية المحتلة، بمبادرة من أعضاء الكنيست “سيمحا روتمان، أوريت ستروك، دان إيلوز، وعوديد فورير”. وقد أيد البيان 71 نائباً، مقابل معارضة 13 نائباً.
ويُدرج هذا التحرك ضمن محاولات اليمين الإسرائيلي لتكريس واقع الاحتلال في الضفة الغربية من خلال خطوات تشريعية،
خاصة بعد أن كثّفت الحكومة الحالية مشاريع الاستيطان والإجراءات الهادفة إلى ضمّ مساحات واسعة من أراضي الضفة.