محمد العنبري يكتب: استشهاد السِّنْوَارْ وإرث الصمود المتجدد
استشهاد القائد في حركة المقاومة الإسلامية حماس السِّنْوَارْ لم يكن مفاجئًا بالنسبة للكثيرين ممن يعرفون حجم التضحيات التي قدمها وموقعه القيادي في حركة المقاومة قد يراه البعض نهاية طبيعية لمسار حياته فهو الرجل الذي لم يتوقف عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في كافة الجبهات خصوصًا في سنته الأخيرة التي كانت مفعمة بالأحداث والمواقف الحاسمة ولكن هل يشكل استشهاد السِّنْوَارْ نهاية لمرحلة من المقاومة؟ أم أنه بداية لانطلاقة جديدة تعزز روح النضال الفلسطيني؟
السِّنْوَارْ لم يكن رجلاً يُرى خلف قضبان الأسر أو في منفى بعيد بل كانت حياته دائمًا في قلب المقاومة في أرض غزة المحاصرة التي أصبحت رمزًا للصمود الفلسطيني كان من الصعب تخيله خارج ساحة المعركة أو في حالة هدوء بعيدًا عن الصراع منذ البداية كان مصيره مرتبطًا بالاستشهاد وهي النهاية التي لطالما سعى إليها في إطار نضاله وكفاحه من أجل تحرير فلسطين.
المقاومة بالنسبة للسِّنْوَارْ لم تكن مجرد حالة مؤقتة أو استراتيجية سياسية مرحلية بل كانت وجودًا متجذرًا ومبدأه أن الموت في سبيل القضية ليس نهاية بل بداية لحياة جديدة حياة تستمر من خلال أجيالٍ أخرى تحمل الراية وتواصل المسير.
قد يعتقد البعض أن غياب قائد بحجم السِّنْوَارْ يشكل ضربة لحركة حماس أو أنه قد يؤثر على مسارها وتوجهاتها ولكن مثل هذه الأفكار تتجاهل طبيعة حماس كحركة وطنية عقدية فحماس منذ نشأتها قامت على أسسٍ إيمانية تعتبر الموت في سبيل الله جزءًا من تحقيق الهدف الأكبر الأفراد فيها ليسوا سوى أدوات متحركة ضمن سياق أوسع وأشمل والأهم أنهم جزء من منظومة ولاّدة تجدد نفسها باستمرار من خلال الألم والمعاناة والاحتلال.
استشهاد السِّنْوَارْ لن يوقف حماس عن مواصلة نهجها ولن يكون نهاية لمسيرتها بل هو مرحلة أخرى تُضاف إلى تاريخها الطويل في المقاومة فالأفراد في حماس مثل الريش المتطاير من جناحي النسر أو الصقر يتحركون دائمًا نحو الهدف الأكبر والأسمى وهو تحرير فلسطين من نير الاحتلال الإسرائيلي وما دامت هناك قضية سيظل هناك من يحمل السلاح والفكر ويتقدم الصفوف.
برحيل السِّنْوَارْ بعد سنوات من القيادة وخاصة بعد القائد إسماعيل هنية تطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل حماس ودورها في المرحلة المقبلة ومع ذلك لا يمكن النظر إلى رحيل هذا القائد من زاوية ضيقة فاستشهاده يمثل رسالة أخيرة موجهة ليس فقط للاحتلال بل أيضًا للعالم بأسره بأن النضال الفلسطيني لن يتوقف عند استشهاد قائد أو آخر.
استشهاد السِّنْوَارْ يضع الاحتلال في مواجهة محكمة العدل الدولية والرأي العام الدولي الذي أصبح أكثر وعيًا بجرائم الاحتلال وممارساته القمعية وكأنه باستشهاده سدّد سهمه قبل الأخير في وجه الاحتلال تاركًا سهمًا أخيرًا في كنانة المقاومة سهمًا يمثل الأمل والقوة المتجددة التي ستنطلق من جديد لتستمر في المعركة.
الاستشهاد في ثقافة حماس ليس نهاية بل هو بداية لحياة أخرى حياة تواصل فيها الحركة طريقها نحو التحرير فحماس بتكوينها العقائدي والتنظيمي قادرة على إعادة إنتاج قيادات جديدة والانتقال من مرحلة إلى أخرى دون أن تتوقف عند نقطة معينة إرث السِّنْوَارْ سيظل حاضرًا في كل خطوة تخطوها الحركة وستظل تضحياته نبراسًا لمن يأتي بعده.
المقاومة الفلسطينية لم تقم على الأفراد بقدر ما قامت على قضية شعب بأسره وكلما ارتقى قائد شهيدًا ظهرت قيادات جديدة وكلما حاول الاحتلال تدمير قوة المقاومة وجدت حماس ومثيلاتها من الحركات الفلسطينية طرقًا جديدة للتكيف والتطور.
استشهاد السِّنْوَارْ ليس نهاية بل هو استمرار لمسار الكفاح الفلسطيني الطويل حماس لن تتوقف عند هذا الحد بل ستواصل طريقها نحو التحرير ترفع راية النضال وتثبت للعالم أن القضية الفلسطينية أكبر من أن تُهزم باستشهاد قائد أو زوال جيل كما أن دماء الشهداء ستظل دائمًا قوة دافعة نحو المستقبل نحو حلمٍ قد يبدو بعيدًا ولكنه يقترب مع كل تضحيات تُبذل ومع كل نفس يُزهق في سبيل فلسطين.