أقلام حرة

محمد العنبري يكتب: الجوع والكرامة المفقودة

المواطن العاجز اليوم يقف في مواجهة مستمرة مع السلطات المتعاقبة التي تتحكم بمصيره وبمقومات حياته الأساسية لا شيء يبدو في الأفق سوى عبث مستمر يجعل من الحياة اليومية سلسلة من الأزمات الخانقة حيث لا تجد السلطة من يقوم بإيقافها عند حدها ولا من يفرض عليها احترام حق المواطن في العيش الكريم وبينما تتراكم الأزمات يوماً بعد يوم يتحول الجوع من مجرد معاناة اقتصادية إلى صورة من صور الوطنية البائسة

المفارقة أن المواطن الذي يعاني من الجوع والفقر يجد نفسه في مواجهة مع واقع قاسٍ يجعله يفكر أن الصبر على هذه المعاناة هو في حد ذاته نوع من الولاء لوطنه وكأن جوعه هو الثمن الذي يدفعه مقابل انتمائه هذا التفكير يولد في داخله نوعاً من الرضا القاتل فهو يظن أن صموده أمام هذه الظروف هو تضحيات عظيمة ولكنه في الوقت ذاته يدرك أنه لا يملك القدرة على تغيير هذا الواقع أو حتى التأثير فيه

السلطات التي تتعاقب على الحكم لا ترى في معاناة المواطن إلا فرصة لاستمرار سيطرتها فهي تترك أساسيات الحياة مفتوحة للعبث والتلاعب دون أي محاسبة وكأن حق المواطن في الحياة الكريمة ليس أولوية على الإطلاق بل يصبح أداة أخرى للضغط عليه وإخضاعه أكثر وأكثر وبينما يتلاشى الأمل في التغيير يظل المواطن ينتظر الحل من جهات تكرس هي نفسها لمشاريع فردية ومصالح ضيقة بعيداً عن احتياجات الشعب الفعلية

المواطن العاجز ليس فقط ضحية لهذا الواقع بل هو رمز للبطل المجهول الذي يضحي بصمته وبجوعه في سبيل وطنه دون أن يشعر به أحد أو يعترف بتضحياته هذا المواطن الذي يصبر ويصمد قد يظن أن الجوع هو قدره ولكن الحقيقة المرة أنه ليس عليه أن يقبل بهذا الواقع الجوع الذي يعانيه ليس فقط جوعاً إلى الخبز والماء بل هو جوع إلى الكرامة إلى حياة تليق بإنسانيته إنه جوع إلى أن تكون حياته محمية من العبث والتجاهل

ما الحل إذن هل يبقى المواطن في هذه الحلقة المفرغة من الصبر والجوع دون أن يفعل شيئاً أم أن عليه أن يواجه هذا الواقع بطريقة مختلفة المواجهة هنا ليست بالعنف أو التمرد ولكن بتحريك عجلة التغيير من الداخل من خلال وعيه بحقوقه الأساسية وبأن الحياة الكريمة ليست مجرد أمل بعيد بل هي حق طبيعي لا يجب أن ينتظر تحقيقه من أحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى