الخير قادم يا وطني وإن أبطأت خطاه في أعيننا فإنه يسير بثبات في مسارٍ قد لا نراه كاملًا لكنه يرسم بقدر الله وتدبيره كم مررنا بليال حالكة وكم عرفنا أزمنة ضاقت فيها الصدور وتثاقلت فيها الأحلام لكننا في كل مرة نكتشف أن الظلام مهما طال لا بد أن يخلفه فجر وأن الجراح مهما اتسعت ستأتي يد الأيام لتضمدها وتعيد للنفس قوتها وللأرض خصبها.
يا وطني ما عرفناك إلا صبورا تحتمل الجراح وتنهض من كبواتك كأنك لم تسقط يوما رأيناك تقف في وجه الرياح العاتية وتشد جذورك في عمق الأرض حتى لا تقتلعك العواصف رأينا أبناءك رغم الجوع والفقر والحرب يبتسمون ويغنون للحياة ويحفرون بأيديهم طريق الغد هذه الروح هي زادك في رحلتك الطويلة نحو الخير وهي اليقين الذي لا يشيخ في قلوبنا مهما طال الابتلاء.
الخير قادم يا وطني ليس لأنه وعد يتغنى به الشعراء بل لأنه سنة الحياة فكما تعود الأرض لتكتسي خضرتها بعد موسم القحط ستعود شوارعك للفرح وسماؤك للصفاء وقلوبنا للأمان ستنقشع غيوم الحزن التي علقت فوق مدنك وسيسير أطفالك إلى مدارسهم بلا خوف وستعود أسواقك تمتلئ بالحركة وأصوات الباعة تختلط بضحكات المارة وسيعود المغتربون يحملون الحنين بين أيديهم ويعمرون بيوتهم التي تركوها على أمل العودة.
قد يظن البعض أن الخير حلم بعيد لكنني أراه يتشكل في تفاصيل صغيرة في عيون شاب لا يزال متمسكا بالأمل رغم البطالة وفي يد مزارع يزرع أرضه وهو لا يعلم إن كان المطر سيأتي لكنه يزرع لأن الحياة تستحق أن تعاش الخير في ذلك الجار الذي يتقاسم رغيفه مع جاره، وفي تلك الأم التي تدعو لولدها وهو في أرض بعيدة وفي ذلك الجندي الذي يقف على حدود الوطن مؤمنا أن حراسة الليل تمنح النهار أمانه
يا وطني نحن لا نطلب من الخير أن يأتي على جناح السرعة بل أن يأتي ثابتا متينا لا يرحل سريعا أن يبني على أرضك ما يهدمه الفساد والفرقة واليأس وأن يزرع في أبنائك يقينا لا يتزعزع بأن ما ضاع من عمر الوطن سيعوضه الغد الجميل سيأتي الخير عندما نؤمن أننا نحن صانعوه وأن الطريق إليه لا يعبد بالشعارات بل بالعمل والتكاتف والتضحية.
الخير قادم يا وطني وأعلم أن يوما سيأتي نلتفت فيه إلى الوراء فنرى كل ما مر بنا من شدائد كأنه كان فصلًا من كتاب طويل تعلمنا منه الصبر وغرس فينا الإصرار وأعدنا لاستقبال النور بقلوب أوسع سنقف جميعا في ساحة الفرح نرفع علمك عاليا ونردد بصوت واحد صبرنا فكان الصبر مفتاح الفرج وانتظرنا فجاء الوعد الحق فها أنت يا وطني تتزين من جديد بثوب العز والرخاء وها نحن نفتح أبوابنا لاستقبال الخير الذي طال انتظاره.
الخير قادم يا وطني وسنكون نحن أبناءك أول من يستقبله بالعمل وبالحب وبالإيمان أن هذا الوطن يستحق أن نحيا من أجله وأن نضحي بكل ما نملك حتى ينهض ويستقر وحتى تكون أيامه القادمة أجمل من كل ما مضى.