الدواء ليس سلعة كأي سلعة إنه شريان حياة وغيابه أو ارتفاع سعره يعني ببساطة تهديد حياة الناس لكن ما يحدث اليوم في مناطق الشرعية يبدو وكأنه تواطؤ صامت بين شركات الأدوية والموردين من جهة وتراخي الجهات المسؤولة باليمن من جهة أخرى فالأسعار بقيت كما هي رغم انخفاض سعر الصرف والشركات تبرر الأمر بحجج واهية وتماطل في أي تعديل حقيقي وكأن حياة الناس مجرد أرقام في دفاتر أرباحهم.
ما يثير الدهشة أن هذه الأزمة تتكرر دون أي تدخل حقيقي من وزارة الصحة اليمنية وكأن تحديد أسعار العلاجات ليس من اختصاصها في دول الخليج وغيرها من الدول تُطبع الأسعار الرسمية على عبوات الدواء وتُلزم الشركات والصيدليات بالبيع وفقها فلا يجد المريض نفسه في مواجهة تفاوتات جنونية بين صيدلية وأخرى فلماذا لا تتبنى وزارة الصحة هذا النظام البسيط الذي يحمي المواطن من الجشع ويضبط السوق؟ هل الأمر صعب إلى هذه الدرجة أم أن هناك من يستفيد من ترك الفوضى قائمة؟
النتيجة أن الصيدليات أصبحت ساحة احتكاك يومي بين الصيادلة والمرضى والضغط النفسي على الطرفين يتزايد فيما يهدد الإضراب أو توقف بعض الصيدليات عن العمل بانقطاع الأدوية عن أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة هذا الوضع لم يعد مجرد مشكلة صحية بل بدأ يتحول إلى تهديد للأمن الاجتماعي فحين يشعر المواطن أن صحته ليست أولوية لدى أحد يتآكل شعوره بالانتماء والثقة في الدولة.
إن جشع شركات الأدوية لن يتوقف ما لم تتحرك السلطات بجدية المطلوب إجراءات صارمة تلزم هذه الشركات بتخفيض أسعارها فورًا بما يتناسب مع سعر الصرف الحالي وتطبيق آلية واضحة تشرف عليها وزارة الصحة لتحديد الأسعار ومراقبتها بشكل دوري مع طباعة السعر الرسمي على عبوة كل دواء كما يجب على المجتمع أفرادًا وناشطين أن يمارس ضغطًا حقيقيًا عبر الحملات الشعبية والإعلامية حتى يُكسر هذا الاحتكار ويُعاد الاعتبار لصحة الإنسان قبل جيوب التجار.
وإلى شركات الأدوية التي ظنت أن الميدان خالٍ من الرقابة تذكروا أن المرضى ليسوا مجرد زبائن وأن اللعب على وتر حاجتهم هو لعب بالنار الصحة ليست مجالًا للمتاجرة ومن يضع الأرباح فوق الأرواح إنما يختار طريقًا يصطدم فيه عاجلًا أم آجلًا برفض الناس وغضبهم.