محمد العنبري يكتب: ثورة الأمل صرخة الحرية وإرادة الحياة
ثورة مباركة كانت كما الغيث المنتظر في صحراء قاحلة تنساب كلماتها في ذاكرة الوطن لتعيد ترتيب المشهد المبعثر بين جراح الظلم وآهات القهر سورية تلك الأرض التي عانت من استبداد قاتم ومن قبضة حديدية أقفلت عليها أبواب الأمل كانت كالأرض العطشى التي تنتظر مطرا يروي عطشها ويمحو عنها غبار السنين التي لم تحمل سوى المزيد من الألم
ومع انبلاج فجر الثورة كان الشعب السوري ينهض من بين الركام ليصدح بصوت يملؤه الإصرار على الحياة رفضا لكل أشكال الظلم والطغيان ثورة لم تكن مجرد حراك عابر بل كانت حلما قديما يتجدد أملًا يولد من رحم الألم صرخة حرية تتحدى السجون والسياط التي أرادت أن تخنق الصوت الحر
هذه الثورة المباركة جاءت لتحيي في القلوب ميثاق الكرامة المفقودة ولتعلن أن الشعوب قادرة على انتزاع حقوقها مهما كانت القيود محكمة فكما أن لكل ظلام نهاية ولكل قيد كسره كان من المستحيل أن يظل الحلم السوري حبيس زنازين الطغاة أو مقيدا بأوهام الخوف والتسلط
الثورة المباركة كانت رسالة واضحة بأن الصبر الطويل لابد أن يؤتي أُكله وأن الدماء الزكية التي تسيل على أرض الوطن لن تذهب هدراً بل ستروي شجرة الحرية التي طال انتظارها هي ثورة انبثقت من صميم المعاناة لترسم أفقًا جديدا وتحمل تطلعات أمة أرادت الحياة رغم كل ما واجهته من صعوبات
نضال امتزجت فيه الدموع بالدماء والآهات بالأحلام
وفي زخم هذا النضال الذي امتزجت فيه الدموع بالدماء والآهات بالأحلام كانت الثورة تشق طريقها متحديةً كل العقبات قهر النظام وأعوانه والخذلان الذي جاء من بعض الذين ادعوا أنهم أصدقاء ولكن رغم كل ذلك لم تتراجع عزيمة الشعب ولم يتسلل اليأس إلى قلوب الثوار الذين آمنوا أن النصر قادم وأن الحق لا بد أن ينتصر مهما طال الزمن
الثورة كانت تمثل شعلة أمل لا تذروها الرياح مهما اشتدت فقد كانت قلوب السوريين تنبض بالإصرار على استعادة كرامتهم وحقوقهم المسلوبة متجاوزين في ذلك كل الألم الذي خلفته آلة القتل والقمع فهم لم يكونوا يثورون فقط ضد نظام مستبد بل كانوا يثورون ضد واقع أراد أن يصادر أحلامهم ومستقبلهم ليبقى الشعب حبيسًا في زنازين الفقر والتهميش
الثورة المباركة لم تكن مجرد حدث سياسي أو لحظة غضب شعبي بل كانت انعكاسًا لحالة وعي متجذرة في أعماق الشعب السوري ونداء من أجل استعادة الوطن من أيدي الفساد والاستبداد هي صرخة مدوية أطلقتها الحناجر الحرة لتصل إلى كل أرجاء العالم أن هناك شعبا يرفض الذل والهوان ويطالب بحقه المشروع في العيش الكريم
إرادة الشعب السوري أكبر
ورغم أن الطريق طويل ومليء بالتحديات فإن إرادة الشعب السوري كانت دائما أكبر من كل المؤامرات التي حيكت للنيل من عزيمته هذه الثورة ليست مجرد ذكرى بل هي درس للأجيال القادمة بأن الكرامة والحرية لا تأتي إلا بالتضحيات وأن الظلم مهما طال أمده فمصيره الزوال طالما هناك من يقف في وجهه بشجاعة وإصرار
الثورة المباركة ستبقى رمزا للأمل في وجه الظلام وستظل شاهدة على أن الشعوب قادرة على تحقيق المستحيل إذا توحدت إرادتها وآمنت بحريتها وعدالة قضيتها هي ثورة الحياة ضد الموت ثورة الكرامة ضد الذل ثورة الأمل ضد اليأس وستظل سورية التي أرادها الثوار شامخة حرة قوية رغم كل الجراح والمعاناة التي مرت بها والتي لن تكون سوى جزء من تاريخ مجيد يكتبه الأحرار بدمائهم وأرواحهم
الثورة المباركة هي الحلم الذي لن ينطفئ والنور الذي لن يخبو هي عنوان الكرامة ورسالة الشعوب لكل الطغاة بأن الحق أقوى من الظلم وأن إرادة الشعوب لا تقهر هي الأمل الذي نعيش من أجله ونموت من أجله هي سورية الحرة كما أرادتها قلوب الأحرار وأحلام الثوار التي ستظل خالدة إلى الأبد