في زمن تكاد فيه الكلمة أن تجهض قبل أن تولد نعود اليوم إلى ميادين الحرف نسترجع مسيرتنا التي انطلقت منذ العام 2011 حين اخترنا الكتابة طريقا للمقاومة لا ترفا أدبيا ولا طموحا شخصيا بل فعلًا وطنيا وإنسانيا يُعبّر عن ضمير قرر أن يظل يقظا مهما تكاثفت الغيوم.
من جريدة «الجمهورية» إلى «نواة الحقيقة» و«الأمة الإلكترونية» في القاهرة ومرورا بجريدة «عدن الغد» لم تكن مشاركاتنا الصحفية يوما بحثا عن شهرة أو مكانة بل كانت صرخةً مدوية في وجه التزييف ومحاولة دؤوبة لالتقاط الحقيقة وسط ركام الدعاية وغبار الاصطفافات.
كتبنا عن وطن أثقلته الحروب وعن شعبٍ طحنه الجوع والخذلان عن أطفالٍ يحملون على أكتافهم أثقال الكبار وعن نساءٍ يقاومن القهر بالحياة لامسنا السياسة حين كانت طاغية وانتقدنا المجتمع حين استسلم للصمت وواجهنا الجراح على أمل أن نوقظ بها الضمائر النائمة.
منذ ذلك اليوم وحتى هذه اللحظة لم يتغير نهجنا ولم تهتز بوصلتنا بقينا نكتب بانحياز كامل للحق حتى حين كان موجعا وحتى حين كان مكلفا لم تغرنا المساحات الممنوحة مقابل التنازل ولم ترهبنا محاولات التهميش والإقصاء.
اليوم ونحن نجدد هذه العودة إلى الكلمة لا نفعل ذلك إلا لأن الوطن ما يزال ينزف والحق ما يزال يغتال والضمير العربي ما يزال يبحث عن منبّه في زمن اعتادت فيه العيون النوم أمام الحرائق.
نكتب لأن هناك من ما زال يؤمن أن الحروف الصادقة قادرة على خلخلة الزيف وأن الصوت الحر وإن بدا وحيدا فإنه يحمل في داخله صدى الملايين من الصامتين.
في زمن تتشابه فيه الوجوه وتتشظى فيه القيم تبقى الكتابة موقفا لا وظيفة ووفاء لا مهنة ولهذا نعود لا لنبدأ من جديد بل لنكمل ما بدأناه بإصرار أشد وبقلب ما زال ينبض بحرارة الحقيقة.
نعم ها نحن نسترجع الكتابة لا لأننا نريد بل لأن الواجب يفرض ولأن التاريخ لا يرحم المتقاعسين.