الأمة الثقافية

محمد بن عمر الواقدي

أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الأسلميّ

 وُلد في المدينة سنة (130هـ) في آخر خلافة مروان بن محمد،

طلب الواقديّ العلم عام بضعة وأربعين من الهجرة فسمع من طبقة صغار التابعين  في الشام والحجاز وبغداد والمدينة وغيرها،

كان عالمًا في المغازي واختلاف الناس وحديثهم، وقال عنه إبراهيم الحربيّ: “أمَّا فقه أبي عبيد فمن كتب الواقديّ، الإجماع والاختلاف كان عنده”،

وقال الحربيّ عنه أيضًا: “الواقديّ أمين الناس على أهل الإسلام، كان أعلم الناس بأمر الإسلام، فأمَّا الجاهلية فلم يعلم فيها شيئًا”.

وفي شهرته العلمية يقول الخطيب البغدادي: “وقد طبقت شهرته العلمية شرق الأرض وغربها، وسارت بكتبه الركبان في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات والفقه”

 بلغت شهرته العلميّة التي بلغت الآفاق بأنّ كتبه إذا ضاعت منه طلبها فيؤتى بها من المدينة، ويقال: هذه ألواح ابن واقد.

أهم مؤلفات الواقدي:

ترك الواقديّ مؤلفات كثيرة لم يبلغنا منها إلا القليل، وقد وصف يعقوب بن شيبة كتبه فقال: “لما تحوَّل الواقديّ من الجانب الغربي، يقال: إنّه حمل كتبه على مئة وقر -والوقر هو حمل الدابّة العظيم-، وقيل: كان له ستمئة قمطر كتب”، وتدور مؤلفاته في ما يتعلّق بالعهد الإسلاميّ فقهًا واختلافًا وإجماعًا وسيرةً وطبقاتٍ وتواريخ، وأكثر كتبه في التاريخ والسير الخاصّة أو العامّة

أهمّ كتبه وأشهرها:

كتاب المغازي: جمع فيه الواقديّ غزوات النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وسراياه (وهي التجمّعات العسكرية التي كان يعقدها للصحابة ولم يشارك فيها)، وبلغ عدد الغزوات التي ذكرها الواقديّ في كتابه سبعة وعشرين غزوة، وبلغ عدد السرايا التي عقدها النبي – عليه الصلاة والسلام- سبعة وأربعين سريّة، ويبدأ الواقديّ كتابه بذكر أخبار لغزوات قبل بدر لم تتهيّأ، وبذكر أخبار لسرايا قد بُعِثَت لجمع الأخبار ونحو ذلك، وقد ختم كتابه بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام.

 كتاب الطبقات

يعدّ كتاب الواقديّ في الطبقات من الكتب المفقودة إلّا أن كاتبه محمد بن سعد قد حفظ شيئًا كبيرًا من كتاب شيخه، وبذلك تبرز أهمية كتاب الطبقات لابن سعد، على أنَّ بعض الباحثين يوهّن النظرة السائدة إلى طبقات ابن سعد بكونها متأثرة في غالبها من مؤلف شيخه الواقديّ، ويؤكد أنّ تأثره بشيخه الواقديّ في كتابه لا يتجاوز نصف الكتاب، وهذه نسبة جيّدة تُمكّن الباحثين من الوقوف على آراء الواقديّ في الطبقات.

 كتاب الردّة

يبحث الكتاب في أخبار المرتدين وما دار بينهم وبين جماعة المسلمين بدءًا من وفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وقد كان الواقديّ حريصًا على تدوين الرسائل والخطب والمحاورات والمناوشات بتفاصيلها وجزئياتها ما أمكنته الرواية للأخبار من ذلك، وبالقدر الذي يسمح به حجم الكتاب، فقد آثر المؤلّف الاختصار في بعض المواضع.

تفرّد الكتاب بروايات قصص وأخبار وبإنشاد أشعار ليست في غيره من الكتب التي تبحث في نفس الموضوع، وقد كان كتاب الواقديّ مرجعًا لعدد من العلماء الذين أتوا بعده مثل ابن سعد في الطبقات الكبير، وابن حجر في الإصابة، والطبري في تاريخ الرسل والملوك وغيرهم.

قالوا عن الواقدي:

إبراهيم الحربيّ: وصفه بأنّه أمين الناس على أهل الإسلام، وبأنّه أعلم الناس بأمر الإسلام.

مصعب الزبيريّ: أقسم بالله أنّه ما رأى مثله قطُّ.

عبد العزيز الدراوردي: لقبه بأمير المؤمنين في الحديث.

 أمّا المضعّفين له، وقد حكموا بالترك على أحاديثه ما يأتي: يحيى بن معين: وصفه بأنّه ليس بشيء، وهي من أدنى صيغ التجريح.

الشافعيّ: وصف كتب الواقديّ بأنّها كذب.

أحمد بن حنبل: وصفه بأنه كذّاب.

إسحاق بن راهويه: ذكر بأنّه عنده ممن يضع الحديث.

البخاري: ذكر بأنه لم يرو له شيئًا، وما عرف من حديثه فلا يقنع به.

وقد وصف الذهبيُّ الواقديَّ بأنّه إمام أحد أوعية العلم، وحاول الجمع بين أقوال الموثّقين له والمضعفين، فقرّر أنّه يحتاج إليه في باب الغزوات والتاريخ، وتورد آثاره من غير احتجاج، ولا ينبغي أن يذكر في رواية الفرائض، واستدلّ لذلك بأنّ أصحاب الكتب الستّة ومسند أحمد وبقيّة من روى أحاديث في الأحكام كانوا يترخصون في إخراج أحاديث لأناس ضعفاء ومتروكين، ومع هذا فلم يخرجوا للواقديّ شيئًا.

 وقد نافح الذهبيّ عن الواقدي وذبّ عنه تهمة الوضع إلا أنه ذكر أنه مجمع على تضعيفه، كما ردّ قول من وثقه لانعقاد الإجماع على تضعيفه وعدم الاعتداد بمرويّه.

وفاة الواقدي

تُوفّي الواقديّ في بغداد في ذي الحجة من سنة (207هـ) وقد كان مسؤولًا آنذاك على القضاء، وكان ابن ثمانية وسبعين عامًا، ولم يكُن له كفن، فبعث المأمون بأكفانه، ودُفِن في مقابر الخيزران. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى