الأحد يوليو 7, 2024
أقلام حرة

محمد شعبان أيوب يكتب: رجلان من قبيلة باهلة

رجلان من قبيلة باهلة العربية العدنانية أخذا بعقلي، وكان لهما فضل عظيم في فتوحات الإسلام الأولى.

فأما الأول فهو عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي الصحابي المعروف بذي النور، أحد قادة معركة القادسية، وقاضي الجيش فيها، ثم قائد فتوحات القوقاز الكبير الذي لقي ربّه في عمق الأراضي الروسية بعدما دوخّ الخزر اليهود لعشر سنوات، وبلغ كما أثبتُ في عمق روسيا الحالية ألف كيلو متر تقريبا.

والثاني قُتيبة بن مسلم الباهلي فاتح ما وراء النهر وحتى الصين، رجل ترى فيه الشجاعة النبل والأخلاق العالية، لا يهدأ له فرس، ولا يهتم بعناء الحرب وكرّها، ثم حب الله ورسوله البادي في خطبه وأقواله وأفعاله، قبل أن يفتح خوارزم وسمرقند خطب في أصحابه قائلا: “عسى الله أن يفتحها علينا كما فتحت قريظة والنضير”، فكان كما قال.

فلما فُتحتا في نفس الشهر، قال فيه الشاعر نهار بن توسعة من بكر بن وائل:

أراكَ اللَهُ في الأتراك حُكما *** كحُكم في قريظة والنضيرِ

قضاءٌ من قتيبة غير جور *** به يُشفَى الغليل من الصدورِ

 فإن يرَ نيزك خِزيا وذُلا *** فكم في الحرب حُمق من أمير

ونيزك اسم مُحرف لغوزك قائد الأتراك أمام قُتيبة. وقد خرج من باهلة عظماء آخرون منهم العلامة وراوية العرب، وأديبها، وخازن علمها وشعرها ولغتها الأصمعي عبد الملك بن قريب البصري الباهلي.

وإنه لمما يُعجب له أن باهلة كانت مذمومة بين العرب في الجاهلة، فجاء الإسلام ورفعها برفعة أبنائها، وجهادهم وفضلهم في سبيل الله، فكم لله في هذا الدين يرفعُ أقواما كباهلة ويحطّ آخرين كأبي جهل وأبي لهب القرشيان الشهيران.

وهؤلاء من يُفتخر بهم على مر الزمان، وكر الحدثان، ولعل رجلا من باهلة الخير يجمع تراث آبائه وأجداده في مجلدة منمّقة تستوعب هؤلاء الكبار وتراجمهم، فتجعلهم لمن بعدهم آية للعالمين.

Please follow and like us:
Avatar
باحث في التاريخ والتراث
قناة جريدة الأمة على يوتيوب