تخيل واحد مجرم مكتوب له سكريبت أكثر إجراما من واحد جاهل وبدون مراجعة تحريرية علمية تاريخية محترمة، يصف عمرو بن العاص بالماكر المخادع لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما وأرضاهما، معتمدا في ذلك على روايات الكذبة والوضاعين والملفِّقين بحجة أنها في كتب التاريخ.
أما عمرو فمنذ أسلم قبل فتح مكة وهو في خدمة الإسلام وفتوحاته في الجزيرة العربية وبلاد الشام وفلسطين وأخيرا مصر تشهد له، ونحن المصريين لسيدنا عمرو بن العاص ومن معه من الفاتحين رضي الله عنهم دين في أعناقنا، فقد أخرجونا من عبادة العباد والأصنام والتماثيل وتأليه الفراعين وبطش الرومان وعبادة التثليث إلى عبادة الله الأحد الصمد، وكان له الفضل الأكبر في وضع حجر الأساس لفتح أفريقيا بل والأندلس والمغرب فيما بعد.
رجل وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بـ«الإيمان»، لماذا وكيف يخادع صاحبيا آخر اسمه أبو موسى الأشعري، هذا العبقري العسكري الفذ في فتوحات العراق وإيران، والقريب الحبيب من النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا، وفي ظل فتنة لا يُعرف فيها الحق من الباطل عندهم في ذلك الزمان!
خرجتُ وخرج غيري لكشف حقائق الفتنة الكبرى بالاعتماد على الروايات الصحيحة التي بذل الباحثون فيها أعمارا، وبيّنا الحق من الباطل، ولكن يصر بعض المشبوهين على النيل من الصحابة، وتصويرهم متصارعين على الدنيا، يخادعون بعضهم حتى تسقط عدالتهم، ومن ثم نشكك في كل ما يتعلق بمروياتهم وآرائهم الشرعية، وفي النهاية نشكك في الإسلام نفسه، مع علمنا أنهم غير معصومين، ولكن الله رضي الله عنهم بنص القرآن الكريم، سابقهم ولاحقهم كما في قوله تعالى:
(لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
أخيرا لا تنسون أخاكم من دعائكم بالشفاء والعافية