تأملتُ في الأسباب الحقيقية التي تجعل صندوق النقد الدولي ومن خلفه أمريكا وبريطانيا يصرون منذ أكثر من خمسين سنة على إدخال الأرجنتين في أزمة مالية واقتصادية طاحنة بسبب ديونها التي لا تنتهي، لأنها أكثر دول العالم مديونية للصندوق وبعدها تأتي مصر، وجدتُ أن ذلك يعود إلى ثلاثة أمور فيما بدا لي:
الأول: السيطرة على ثروات الأرجنتين التي تبلغ مساحتها قرابة ثلاثة أضعاف مساحة مصر، وهي أكثر خصبًا من مصر، وأقل في عدد السكان (مساحة الأرض الصالحة للزراعة في الأرجنتين 5 أضعاف مساحة الأرض الصالحة للزراعة في مصر).
الثاني: جعلها دولة ضعيفة مفككة داخليا حتى لا تستطيع استعادة جُزر الفوكلاند التي يسيطر عليها البريطانيون منذ عقود، وهزموا الأرجنتينيين في الثمانينيات بسبب أهميتها الإستراتيجية في المحيط الأطلسي.
الثالث: أن تضمن أمريكا وبريطانيا مواطئ أقدام لهم في أمريكا اللاتينية على الدوام، وضمان استمرار التبعية السياسية والاقتصادية والإعلامية لهما، وأبرز دليل على ذلك دعمهم وإنجاحهم للرئيس الجديد المتصهين «خافيير مايلي».
هذا في الأرجنتين التي في أقصى الأرض، فما بالكُ بمصر التي هي قلب العالم ورمّانة الشرق الأوسط، والعدو المحتمل الرابض على الحدود مع إسرائيل، والدولة المسيطرة على قناة السويس، والأكثر تعدادً سكانيا وشبابيا.
مصر في طريقها لتكون أرجنتين جديدة، وأخشى أن يدخلوها في دوامة من الصراع الأهلي على الطعام والشراب، فتتحول إلى سوريا والسودان واليمن وليبيا!