![](https://alomah.net/wp-content/uploads/2024/01/2024-01-16.jpeg)
صِف: «تصريح الرئيس الأمريكي الخطير بخصوص غزة» بـ: (الهذيان الفرعوني) أو: (التهديد الفرعوني) أو: (الغطرسة الأمريكية) أو: (الجنون الدونالدي) (١) أو نوعًا من: (الخبل).. أو: (الهراء) وما شئت من التعبيرات والصفات والكلمات…
ولكن -على كل حال- لا علاقة لِمَا قال ما قال -في سكرة من القوة، ونشوة من الجبروت- بمسكة من العقل والرشد والصواب..
وما يحلم به ترامب ويخطط له، ليس -في الحقيقة- سوى أضغاث أحلام.. أو هذر هاذر لا يعي لما يلفظ به.
ولا يمكن أن يتفوّه بذلك.. إلا من فقد الاحترام -كلّيّا- للأعراف والقوانين الدولية، ومراعاة القيم الإنسانية تمامًا..
ولا يهذي به إلا وقح متغطرس متكبر، غير واع لما يخرج من لسانه من الكلمات..
إذا كنتَ تمتلك القوة.. فليس معنى ذلك أن تتحدى من تشاء.. وتتهدد من تشاء.. وتذل من تشاء.. وتحتل أي منطقة تشاء.. وتبيد أي بلد تشاء..
لا تغرنك قوتك أنك تستطيع أن تفعل ما يملي عليك خبلك وطيشك..
إذا كنت قويًّا.. فالله أقوى وأقدر منك ومن كل أحد.. وهو القادر على كل شيء.. وإن غدًا لناظره قريب!
هل نسيت أنك كنت هددت أنك تجعل منطقة الشرق الأوسط جحيمًا.. إذا لم تنفذ أوامرك، فرأيت -وبعد تهديدك هذا بيوم واحد-.. كيف جعل الله أغنى وأرقى وأشهر ولاية من بلدك جحيمًا بين ليلة وضحاها.. وكيف أكلت النارُ الاخضرَ واليابس من مدينة الصناعة السينمائية الكبرى.. عبرة لك ولأمثالك من الطغاة والمستكبرين..
وحينما كان تبجح سلفك بأن لا أحد يقدر على أمريكا، فأرسل الله إعصارًا ضرب الولاية التي كانت تُرسلُ منها المعدات الحربية الجهنمية إلى إسرائيل لتدمير غزة وقتل أبنائها الأبرياء.
ألا تعتبر بالنذر؟
ألا تعتبر بمصير الظالمين الذين كانوا أشد منك بأسًا وقوة..، ولكن لما عتوا وبغوا.. صب الرب عليهم سوط عذاب.. وإن ربك لبالمرصاد!
وهل تحب أن يسجل اسمك في التاريخ رئيسًا ظالمًا؟
وهل تريد أن تحشر مع هتلر وهولاكو وجنكيز خان؟
بلادك تدعي – نفسها – المثل الأعلى لرعاية حقوق الإنسان، وأعظم داع إليها، وآمن أمين لها، وأكبر محافظ عليها…
فأين أنت من حقوق الإنسان المسلم والعربي.. وكأنك لا تعترف لهما بحقوقهما الإنسانية، فلا احترام لإنسانيتهما، ولا حرمة لدمهما ولا لعرضهما ولا لأرضهما عندك.. فلا ترعى لهما إلّا ولا ذمة..
إذا كنت مرحِّلًا.. فرَحّل أولئك الدخلاء الغرباء شذاذ الآفاق، حثالة الأمم، الذين سِيقوا من هنا وهناك، وأُسكِنُوا -ظلمًا وعدوانًا- في أرضِ غيرِهم، وفي بلد، ليس لهم أي حق فيه.
بدلًا من أن تطرد هؤلاء الجناة الغزاة المحتلين.. تريد تهجير المواطنين الأصلاء من أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم، الأرض التي ولدوا وشبوا وشابوا فيها.. الأرض التي تحمل أحلى الذكريات من حياتهم..
كيف تفعل ذلك.. وأنت تعلم أن وطن الإنسان أحب إليه وأعز عليه من جميع الأراضي والبلدان، مهما كانت أجمل وأرقى وأخضر وأغنى بالمغريات..
نعم. وطن الإنسان أحب إليه وإن كان خرابًا يبابًا.. وأطلالًا وأنقاضًا.. فأطلال بلده وأنقاضه، وأزقته الضيقة أحب إليه من الناطحات للسحاب، والقصور الشامخة، والشوارع الواسعة النظيفة وجميع مرافق الحياة المريحة في بلد آخر..
إن كل ذرة من ذرات تراب الوطن حبيبة إلى الإنسان، ولها عنده قيمة وأهمية وحرمة..
وحب الوطن رُكِّب في فطرة الإنسان، وعجنت طينته بالحنين إلى وطنه، والهيام به، والفداء له، والتضحية بأعز عزيز عليه وأحب حبيب إليه في سبيل الحفاظ على الوطن، لأن حبه يسري في العروق والدماء..
والدليل الحي على ذلك غزة نفسها.. كيف قامت على بكرة أبيها ضد البربرية الإسرائيلية، وكيف قَدَّم أهلها أروع النماذج من البطولة والفداء، والتضحية والوفاء دفاعًا عن وطنهم الغالي..
فقرارك هذا قرار مرفوض رفضًا باتًّا.. لأنه قرار غير عقلاني.. وغير صائب وغير صحيح مأة في المأة.. حتى المنصفون من أهل بلدك رفضوا القرار..
وإن أيّ عاقل.. وأي منصف.. وأي صاحب ضمير ومبدأ لن يرضى بهذا القرار الجائر الفاسد..
والله إن منطقك لغريب.. تريد تهجير المواطنين من وطنهم باسم إعادة إعمار بلدهم وتجميله و تطويره.. و.. و..
بل تخفي في صدرك غرضًا خطيرًا وشرا مستطيرًا…
تريد الاحتلال والسيطرة..
واللهُ لن يحقق لك هدفك هذا.. وستبوء بالفشل الذريع الفاضح المخزي.. ويجعل تدبيرك في تدميرك.. {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
هذا. وقد قوبل القرار الجائر – كما كان مرجوًّا وطبيعيًّا – بالرفض التام المطلق عربيًا وإسلاميّا ودوليّا حتى أمريكيّا أيضًا..
ويجب أن يكون الرفض أشد وأقوى، وأمرّ وأقسى..
وليُرْمَ أي نوع من أنواع المجاملة أو المروءة أو التسامح أو اللين في جانب..
فالوضع يتطلب آخر درجة من الحزم والعزم، والصرامة والجلادة، والشدة والغلظة..
فشيء من اللين سيكون له نتائج خطيرة، وعواقب مدمرة..
ولتقف جميع الدول والشعوب الإسلامية والعربية صفًّا واحدًا وكلمة واحدة في مواجهة القرار ومقاومته بكل نوع من أنواع الردع والمقاومة..
ألا! الأمة الإسلامية تقف اليوم على مفترق الطرق.. وعلى منعطف خطير.. فأي تساهل أو تهاون أو تسامح قد يؤدي إلى الطريق المسدود.. لا يمكن فتحه زمنًا طويلًا.. بل ربما لا يمكن فتحه أبدًا..
فالحذر.. الحذر!!
وإلا فلنستعد -ولا قدر الله- لما كان قال شاعر أردي: «كانت أخطأت لحظات، وتكبدت قرون عقابها..» (٢)
يا رب لطفك وكرمك!
* * *
(١) أنا لا أصفه بهذه الصفة، بل قد وصفه بها أحد أعضاء الكونغرس (البرلمان الأمريكي) حيث قال: دونالد ترامب قد فقد عقله تمامًا، كما تداولت ذلك وسائل التواصل الاجتماعي الدولية.
(٢) البيت الأردي حسبما يلي:
لمحوں نے خطا کی تہی
صدیوں نے سزا پائی
(الاثنين: ١١ من شعبان ١٤٤٦ھ = ١٠ من فبراير ٢٠٢٥ م).