العرب أمة تتميز بالأنفة والحفاظ والوفاء والنبل والسخاء، وجبلت على الكراهية للخضوع، ورفض الذل والضيم، والاحتفاظ بعزة النفس والكرامة، والضن بالحرية، والتحدي للطغيان، وصيانة العرض وحفظ الشرف وما إلى ذلك.. فهم قوم لا يخضعون لأحد، ولا يرضون بالاستبداد، عاشقون للحرية، لا يقبلون أي مساومة أو معادلة فيها، ومستعدون للتضحية بأعز عزيز عليهم وأحب حبيب إليهم في سبيل الحفاظ على سماتهم وشمائلهم العربية التي رضعوا بلبانها، ودرجوا يتوارثونها من جيل إلى جيل.
والأجانب -أيضا- يعترفون للعرب بهذه الصفات المميزة، ويشيدون بها، ونذكر -فيما يلي- قصة تدل على ذلك.
أقيمت للأستاذ الكبير أحمد فهمي العمروسي حفلة تكريم بباريس، فأنشد في كلمته بيتين منسوبين لعنترة بن شداد:
حكّمْ سيوفك في رقاب العُذَّل
وإذا نزلتَ بدار ذُلٍّ فارحل
وإذا بُليت بظالمٍ كن ظالمًا
وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل
ثم ترجمها بالفرنسية، وإذا هم -الفرنسيون- يقابلون هذه المعاني بتصفيق حاد وترحيب حارّ، حتى نهض أحد الحاضرين المثقفين المطلعين على خصائص العرب، وقال: إن العرب كانوا يعشقون الحرية، وكانوا متشبعين بمبادئ القرآن، الذي ينص على مقابلة المثل بالمثل، حيث يقول {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: ١٩٤]، ويقول: {النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن} [المائدة: ٤٥].
والسؤال الذي يفرض نفسه:
هل عرب اليوم ما زالوا يحتفظون بسماتهم الأصيلة العريقة التي تميزهم عن غيرهم من الشعوب والأمم، وتفضلهم عليها؟
أظن أن العرب هم الذين يحسنون الإجابة على هذا السؤال؟
(السبت: ١٧ من ذي الحجة ١٤٤٦ ھ = ١٤ من يونيو -حزيران- ٢٠٢٥م).