لأول مرة في حياتنا تقر أعيننا وتثلج صدورنا بما نرى -ما نرى- من الدمار والخراب، والفزع والهلع، الذي يعيشه عدونا الأكبر الأنجس هذه الأيام، ذلك العدو الذي يجثم على مقدساتنا منذ عشرات السنين، والذي يُذَبّح إخواننا الفلسطينيين ويُقَتّلُهم، ويشردهم من وطنهم ويفعل بهم ما يفعل من الفظائع والجرائم التي ما سُمع بمثلها قط في تاريخ الجرائم الإنسانية..
هذا العدو يذوق -لأول مرة في تاريخه الدموي- الألم، ويعاني من الأذى..
نعم. لأول مرة يتألم ويتوجع ويتململ ويستغيث: أنقذوني.. أنقذوني…
إنه لم يعرف ولم يتعود إلا الإيذاء والضرب والتخريب والتدمير والتقتيل والتذبيح..
ولكنه الآن -ولأول مرة- يئن من أذى الضرب، ويشهد من الخراب والدمار ما لم يخطر له على بال قط..
إنه لم يعرف قط للقوانين ولا للأعراف ولا للأخلاق حرمة، ولم يرع في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا للقرارات الدولية احترامًا.. بل ظل ينتهكها ويدوسها بأقدامه.. بل نكثُ العهود ونقض المواثيق من ديدنه الذي صرح به القرآن الكريم: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية}.
هذا العدو الشرس يرينا الله فيه اليوم ما يثلج صدورنا، ويجعلنا ساجدين له شكرًا وحمدًا على ما يصيب عدونا ما يصيب…
ولا يمنعنّنا اختلاف في العقيدة من الإشادة بمن يوجه الضربات الموجعة إلى العدو.. تلك الضربات التي أرقت نومه، وأقضت مضجعه، وحولت أهم مدنه أطلالًا وأنقاضًا، كما حول هو غزتَنا أطلالًا وأنقاضًا..
فكما يقال: لا تنظروا إلى من قال.. بل إلى ما قيل.. (خذوا الحكمة ولو من ألسنة المشركين).
كذلك ننظر إلى الفعل لا إلى صاحبِه..
فالمهم أن يُضرَب العدو بقطع النظر عن هوية الضارب وجنسه أو عقيدته..
لننظر إلى ضرب الضارب للعدو ومطاردته وملاحقته في عقر داره.. والرد عليه الصاعَ بالصاعين، وضربه ضربًا مبرحًا يصيبه في مقتله وشرايين حياته، ومراكزه الحيوية الاستراتيجية، ضربًا لم يكن بحسبانه..
ونرجو أن لا تتوقف الضربات إلى أن تكون هناك: ضربة حاسمة فاصلة قاضية قاتلة لهذا الولد الحرامي غير الشرعي للغرب الفاجر..
ومما يطمئننا ويبشرنا بالخير أن معظم الدول العربية والإسلامية تقف مع إيران.. وقد كانت السعودية أول دولة عربية نددت بالهجوم الإسرائيلي الذي راح ضحيته العديد من كبار العسكريين والعلماء والمدنيين الإيرانيين..
ويا ليت كان قدر هذا الشرف -شرف إضرار العدو وملاحقته في دياره- لأهل السنة.. للعرب الذين هم أصحاب القضية الأصلاء، فأرضَهم احتلها العدو، وأخرجهم منها، أو صيرهم فيها أجانب أذلاء مواطنين بالدرجة الثانية، وهم -العرب- المستهدفون -دائمًا- لظلم العدو، وهم الذين ذاقوا ويذوقون بيده من الفظائع ما يشيب لهوله الولدان.
ولكن لله في شؤونه حكمة..
(ليلة الثلاثاء: ٢٠ من ذي الحجة ١٤٤٦ھ = ١٦ من يونيو -حزيران- ٢٠٢٥م).