الأجانب يشمتون بنا.. ولهم الحق -كل الحق- أن يشمتوا بنا.. ويعيرونا ويسخروا منا…
لماذا؟ لأنهم يروننا منذ نحو سنتين أننا لا تتحرك لنا غيرة، ولا تجيش لنا حمية، ولا تثور لنا مروءة.. ونحن نرى إخواننا في الدين والعقيدة والدم -من غزة العزة- يقَتّلون ويُذبّحون، وتدمر بيوتهم على من فيهم من الأحياء من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال والنساء.. ويحنون إلى قطرة من الماء وكسرة خبز جافة.. نرى كل هذه الأهوال والمآسي والشنائع والفظائع التي تمارس بحق إخواننا بدم بارد، وغيرة ميتة، وحمية مفقودة.. ونكتفي بترديد كلمات الحوقلة والاسترجاع والدعاء، ونظن أننا أدينا واجبنا..
الأجانب -من أصحاب الديانات الأخرى- يحتجون دعمًا لقضية إخواننا المضطهدين من أهل غزة، وتتحرك إنسانيتهم رحمة ورثاء لمآسيهم، وتنديدًا بما يمارس معهم من الظلم والبربرية، ويطالبون بإنهاء حد لمعاناتهم، ورفع الحصار عنهم..
ولكننا نحن أمةُ نحوِ المليارين صرنا لا نتألم -لا قليلًا ولا كثيرًا- لما يعاني منه إخواننا..
حيوان ينبري لنصرة حيوان آخر -من جنسه- إذا رآه يؤذٰى أو يعتدٰى عليه، ويبذل ما في وسعه لإنقاذه مما يلقى من الأذى أو الاعتداء.
أفهل صرنا أقل شعورا وأحطَّ حسًا من الحيوانات والبهائم والدواب يا ترى؟
إن: «غزة» فضحت الكثيرين من المنافقين -منا- وعرتهم، وأسقطت عنهم ورق التوت، الذي كانوا يغطون به عوراتهم..
كيف يسوغ لنا أن نحتفل بالأعياد وإخواننا في غزة يمطرون صباح مساء بوابل من القنابل المحرقة المدمرة..
إنهم يعيشون -كل وقت- في ظلال الموت، أمامهم موتهم، وخلفهم وفاتهم، وعن يمينهم الردى، وعن يسارهم الردى، وفوقهم منية، وتحتهم منية..
أين القوات المسلحة والجيوش المجهزة بالآلات والمعدات لأكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية؟
هل كل ذلك للتفاخر.. أو تخويف المواطنين المسالمين وتركيعهم؟
لعل الصحفي العربي الذي قال:
«إن أسلحة العرب المكدسة في الترسانة، كالأفراخ المدجنة في القن…» ما خانه التعبير عن الواقع المرير.
ألا نخشى أن يصيبنا ما أصاب إخواننا في غزة..
هل ضمن الله لنا أننا سوف نظل نعيش دائما عيشة الترف والبذخ واللهو واللعب.. مهما بالغنا في الإسراف والتبذير، ومهما أتينا بما يثير غضب الله، ومهما غرقنا في الملذات والشهوات، ومهما قصرنا في القيام بما يجب علينا -من النصرة- بجميع ألوانها وأشكالها – نحو إخواننا المعذبين في سبيل العقيدة والشرف والوطن…
إن الله يمهل ولا يهمل.. وينسيء ولا ينسى.. وإن بطش ربك لشديد.. وما ربك بظلام للعبيد
ألا.. إن آهات المظلومين ودعواتهم لن تذهب سدى.. ولن تضيع في الهواء، بل تصعد مخترقة حجب السماء، وتصل إلى ذي العرش مباشرة.. ثم لا يمنعنّ مانع من الاستجابة لها.
أيها الملوك والرؤساء والأمراء، ويا أصحاب النفوذ والأثر.. وأيتها الخاصة والعامة.. وأيتها الجماهير والشعوب المسلمة!
ماذا تنتظرون.. هل تنتظرون أن يحيق بكم مثل ما أصاب أهل غزة؟
أو تنتظرون أدهى وأمر؟
أكلكم اتفقت كلمتكم على مخاذلة إخوانكم في غزة.. فلبئس هذا الاتفاق.. إنه اتفاق شؤم ونذير شر..
تضحك عليكم اليوم الأمم الأجنبية.. ويشمت بكم الأعداء..
يا للخزي والعار.. ويا لشماتة الاعداء بنا.. الأمة التي كان يضرب بها المثل في الوفاء والإباء.. والغيرة والحمية.. وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم ومسح دموع البائس..
هذه الأمة صارت اليوم مضرب المثل في فقدان الشعور والحس، وعدم الغيرة والحمية..
ولا حول ولا قوة إلا بالله…
اللهم أنصر إخواننا في غزة.. وارحمهم، فقد طالت محنتهم، وعظم بلاؤهم، واقطع دابر أحفاد القردة والخنازير، واجعلهم كأن لم يغنوا بالأمس، وامحهم، وطهر الأرض منهم، وأرِح الإنسانية منهم، واسحقهم بغضبة منك، تكون عبرة ورادعة لكل من أراد بنا سوءًا أو شرًّا..
اللهم آمين يا رب العالمين!
(الثلاثاء: ١٣ من ذي الحجة ١٤٤٦ھ = ١٠ من يونيو -حزيران- ٢٠٢٥م)