محمد نعمان الدين الندوي يكتب: هنيئًا لقافلة الشهداء هذا القادم الجديد
من وحي الأيام..
هنيئًا لقافلة الشهداء هذا القادم الجديد
{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل احياء عند ربهم يرزقون}.
ما زالت سلسلة «الشهادات» في سبيل الله.. دفاعًا عن فلسطين والمسجد الأقصى تتواصل تباعاً.. فتُشَرِّف الأمة وترفع رأسها عزة وشرفًا، كما تزيد العدو حنقًا وقلقًا.. وتطير نومه وتقض مضجعه.. وترغمه على مراجعة حساباته..
فقد انضم – أخيرًا – إلى قافلة الأحرار الشهداء السعداء، البطلُ المغوار يحيى السنوار الذي تلقى الشهادة في قلب المعركة.. وهو يقاتل الأعداء وجهًا لوجه.. يتحدى طغيانهم ويبارز عدوانهم.. بعد أن أذاقهم الصاب والعلقم.. وجرعهم من مرارة المقاومة ما جرعهم..
تلقاها سعيدًا بها إلى أقصى ما تبلغ السعادة، راضيًا عنها كأحسن ما يكون الرضا.. لأنها كانت أسمى أمانيه..
لقد سقط القائد في المعركة.. سقط وعلى رأسه تاج الكرامة، وعلى صدره وسام الشهادة، وهو أعلى وسام يناله المسلم في هذه الدنيا..، سقط وعلى وجهه فرحة الاعتزاز بهذا الموت الذي طالما تمناه.. وعلى لسانه كلمات شكر على هذا التكريم الرباني، الذي لا يحظى به إلا ذو حظ.. { وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم }. ويا له من حظ، ويا له من نصيب.. !
إن هذه الدماء الزكية التي تراق في سبيل استرداد الوطن.. ولتطهيره من رجس الاستعمار وذل العبودية.. ولتحرير المسجد الأقصى المبارك من الاحتلال الآثم..
وإن هذه التضحيات العظيمة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني المجاهد..
إنها لن تذهب سدى أو هدرًا..
إنها تسفر عن فتح قريب ونصر عظيم إن شاء الله..
وموت القادة والسادة لا يؤثر على القضية، وعلى معنويات الجنود مطلقًا…فإذا ذهب قائد.. حل محله مأة قائد..
إذا سيد منا خلا قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعول
والجنود لا يحاربون من أجل القائد.. بل إنهم يحاربون من أجل الشهادة في معركة دينية مقدسة.. فلا يتوانون إذا مات قائد.. بل ربما يجعلهم موتُه أكثر قوة وأقوى صمودًا وأشد غيرة واستماتة في سبيل الله..
ثم القضية أشرف قضية.. قضية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. قضية الأرض المقدسة.. فالله سبحانه لن يتركها مدنسة بالمغضوب عليهم مدة طويلة.. بل سيعيدها حرة محترمة مصونة.. إلى أهلها الشرعيين المواطنين الأصلاء الكرام، ويطرد منها محتليها من شذّاذ الآفاق، المسوقين من هنا وهناك..
فأرض فلسطين ليست بلا شعب.. حتى يحتلها شعب بلا أرض..
وسيأتي اليوم الذي يحكم فيه فلسطينَ أبناؤها.. ويعيشون فيها – كما كانوا قبل الاحتلال – سالمين آمنين أحرارًا كرامًا..
وما ذلك على الله بعزيز.. وهو على كل شيء قدير!
(ليلة الاثنين: ١٧ من ربيع الثاني ١٤٤٦ھ – ٢٠ من أكتوبر ٢٠٢٤م)