أقلام حرة

محمد نعمان الدين الندوي يكتب: يا هنية.. هنيئا لك الشهادة!

الشهادة في سبيل الله شرف لا يضارعه شرف في الإسلام…

وهو شرف تمناه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه..

والمؤمن الصادق أغلى أمانيه الموت في سبيل الحق..

وإن تاريخ الإسلام لمضيء بمئات الآلاف من أولئك الذين قدموا أرواحهم رخيصة في الدفاع عن حرمة الإسلام والمقدسات الإسلامية..

والعجيب أن تاريخ الشهادة في الإسلام يبتدئ بامرأة.. فأول دم سال في الإسلام كان دم امرأة.. دم سمية أم ياسر بن عمار رضي الله عنهما…

وشهادة إسماعيل هنية ليست آخر شهادة في سبيل الله..

وإنما هي امتداد لتلك السلسلة المباركة الميمونة، سلسلة الدماء الزكية الطاهرة، المراقة في سبيل الله، التي كانت بدأت في فجر الإسلام.. وستستمر إلى أن تقوم الساعة..

وهذا الاسم الجديد في قائمة الشهداء جاء لينضم إلى قافلة الأحرار الأبطال الشهداء الذين يكافحون ويناضلون لتحرير المسجد الأقصى المبارك وأرض فلسطين كلها من احتلال إسرائيل الغاشم..

والأمة الإسلامية كلها فخورة معتزة بهذه الشهادة المشرّفة…

فهذه الشهادة لن تنال من عزم المكافحين لاسترداد حقوقهم المشروعة، ولن تضعف همتهم.. بل بالعكس تجعلهم يمضون قدمًا في طريقهم بهمة أعلى، وعزم أسمى، وشوق أعظم للشهادة في سبيل الله.

فهنيئًا يا هنية هذا الموت الأغر الأبلج الأشرف.. الموت المحسود المغبوط..

مثل هذا الموت وسام عز وشرف لصاحبه ولعائلته وللشعب الفلسطيني العظيم بل وللأمة جمعاء..

وقد تلقى نجلك أيها الشهيد خبر شهادتك بالحمد والشكر لله تعالى، الذي حقق أمنيتك بنيل هذه الكرامة..

فالموت في المعركة شرف وأمنية القادة والأحرار…

والموت على الفراش يعتبر موت الجبناء… كما كان قال خالد بن الوليد عند موته :

 «مافي جسمي موطن، إلا وفيه ضربة بسيف، أوطعنة برمح، أو رمية بسهم، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير.. فلا نامت أعين الجبناء».

وكان العرب حتى قبل الإسلام ينظرون إلى موت الذي يموت على الفراش نظرة ازدراء ومهانة، فكانوا يقولون لمن يموت على فراشه : [مات حتف أنفه].. أي خرج روحه من أنفه.. ومن هنا كان قال قائلهم :

ما مات منا سيد حتف أنفه

ولا طُل منا حيث كان قتيل

فليهنئك يا إسماعيل هنية هذا الموت، الذي لم تمت به.. بل نلت به الحياة الخالدة { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون }.

وإن موتك هذا سيزيد السائرين على درب النضال قوة وشجاعة.. وسيقرب الانفراج والحرية والاستقلال، وانبلاجَ الليل الغاسق عن الصبح الصادق…

فقد صار قاب قوسين أو أدنى..

وما ذلك على الله بعزيز…

وهو على كل شيء قدير..

(الخميس : ٢٥ من محرم ١٤٤٦، ١ من أغسطس ٢٠٢٤م)


‏تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في يوتيوب

تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في واتساب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights