أقلام حرة

محمود الشاذلي يكتب: «ميتا AI».. وتحريف القرآن الكريم

في عالم يتجه بسرعة فائقة نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تظهر التساؤلات حول مدى دقة وأمانة هذه التقنيات. وبينما نحتفي بالتقدم التكنولوجي، نجد أنفسنا أمام مواقف تدفعنا للتشكيك في نوايا وأهداف بعض الأدوات المطورة تحت شعارات مثل “الدقة” و”الشفافية”. واحدة من هذه الأدوات هي ميتا AI، التابعة للشركة العملاقة ميتا، والتي تضم تطبيقات يستخدمها الملايين يوميًا مثل واتساب وفيسبوك.

البداية: أخطاء تكشف النوايا؟

طلبت من ميتا AI كتابة سورة الفلق. وجاء الرد بآيات من سورة الكهف، مع أخطاء واضحة مثل:

تكرار الآيات: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا».

إشارة خاطئة إلى عدد الآيات المكتوبة.

تحريف النصوص، مما يعطي انطباعًا مشوهًا عن القرآن الكريم.

عندما نبهتها إلى الخطأ، قامت بتصحيح نفسها وأرسلت سورة الفلق بشكل صحيح. ولكن لم يتوقف الأمر هنا. طلبت كتابة سورة الضحى، فجاءت الآية الثالثة كالتالي:

> «وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَّى»

والصياغة الصحيحة هي: “ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى”.

هل هذه مجرد أخطاء تقنية؟

قد يراها البعض أخطاءً برمجية عادية، ولكن عند النظر إلى السياق الأوسع، تصبح الشكوك مشروعة. لماذا تحدث هذه الأخطاء تحديدًا مع النصوص الدينية الإسلامية؟ وهل يمكن أن تكون هناك نية مبيتة لتشويه المفاهيم أو زرع الشك لدى المستخدم؟

ما يزيد الأمر تعقيدًا هو أن هذه الأدوات أصبحت جزءًا من التطبيقات اليومية، مثل واتساب، ما يعني أن المستخدم لا يحتاج للخروج من التطبيق للتحقق أو البحث عن المعلومة. هنا تظهر المشكلة الحقيقية؛ إذ يتم تقديم المعلومة بشكل مباشر، ما يعزز الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي دون تدقيق.

التأثير على المستخدم العادي

تصور أن شخصًا غير مسلم أو غير ملم بالنصوص الدينية طلب من الأداة كتابة سورة الفلق أو الضحى. ماذا سيحدث إذا اعتمد على هذه الأداة كمصدر موثوق؟

زرع مفاهيم خاطئة: قد يصدق المستخدم أن النصوص المرسلة هي النصوص الصحيحة، ما يخلق تصورًا مشوهًا عن الإسلام.

تعزيز الثقة العمياء: الأجيال الجديدة، التي تعتمد بشكل كامل على التكنولوجيا، قد تعتبر هذه الأدوات معصومة من الخطأ، ما يزيد من خطر التضليل.

هل التضليل مقصود؟

لا يمكن الجزم بنوايا الشركات، لكن المؤشرات تفتح الباب للتساؤلات:

  1. تحريف طفيف لكنه مؤثر: أخطاء صغيرة مثل تغيير كلمة واحدة قد تبدو عفوية، لكنها تحمل أبعادًا دينية كبيرة.
  1. الاستهداف الديني: الأخطاء تتكرر مع النصوص الإسلامية أكثر من غيرها، مما يثير الشبهات.
  1. التحكم بالمعلومة: إدماج الأدوات داخل التطبيقات يجعل المستخدم في دائرة مغلقة يصعب عليه الخروج منها للتأكد من صحة المعلومة.

كيف نواجه هذا الخطر؟

  1. الوعي العام:

نشر الوعي بين المستخدمين بأهمية التحقق من مصادر المعلومات الدينية.

تعليم الأجيال الجديدة كيفية التمييز بين الأدوات التقنية والمصادر الموثوقة.

  1. تطوير بدائل إسلامية:

إنشاء أدوات ذكاء اصطناعي إسلامية دقيقة وموثوقة تعتمد على مصادر صحيحة.

تقديم تطبيقات تنافسية تعتمد على مراقبة دقيقة ومراجعة مستمرة.

  1. ضغط المجتمع على الشركات:

استخدام الحملات الإعلامية لتسليط الضوء على هذه الأخطاء.

مخاطبة الشركات بشكل قانوني ومهني للمطالبة بمراجعة المحتوى.

أسئلة تحتاج لإجابات

لماذا تحدث هذه الأخطاء تحديدًا مع النصوص الإسلامية؟

هل يمكن اعتبار هذه الأدوات وسيلة جديدة للتضليل الإعلامي الموجه؟

كيف يمكننا تعزيز الثقة في التكنولوجيا مع الحفاظ على القيم الدينية؟

وأخيرًا: ما نراه اليوم مع ميتا AI ليس مجرد مشكلة تقنية. إنه تحدٍ جديد يضعنا أمام اختبار حقيقي؛ هل سنسمح للتكنولوجيا بالتحكم في معتقداتنا ومعلوماتنا؟ أم سنأخذ زمام المبادرة لفضح الأخطاء وتصحيح المفاهيم؟

التكنولوجيا أداة، ولكن كيف تُستخدم هو ما يصنع الفارق. نحن بحاجة إلى يقظة مستمرة، وأدوات دقيقة، وأجيال واعية قادرة على التمييز بين الحقائق والتضليل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى