الأحد أغسطس 25, 2024
تقارير

مخاوف خامنئي من إسقاط النظام ورئاسة بزشكيان تقود إيران للمجهول  

من خلال جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية  في إيران  والتي جري وصفها من قبل العديد من المراقبين بالصورية تم الدفع بموجبها بمسعود بزشكيان إلى الرئاسة، بشكل أثار  تساؤلات في الأوساط الإعلامية خارج إيران: لماذا رضخ خامنئي لرئاسته؟ ما هي عواقب صعود بزشكيان إلى السلطة على النظام الإيراني؟ هل ستتغير السياسات الداخلية والإقليمية والدولية للنظام الحاكم في إيران مع وصوله إلى السلطة؟ وأسئلة أخرى عديدة، كل منها يحتاج إلى مناقشة منفصلة، سنناقش بإيجاز بعضها هنا.

بعد مصرع إبراهيم رئيسي في حادث تحطم المروحية، فقد خامنئي أهم بيدق له وكان يبحث عن شخص يواصل مسار رئيسي و كان أفضل مرشح لهذا المنصب هو سعيد جليلي، لكن في الانتخابات، مهد الطريق لبزشكيان. بشكل دفع البعض للاستغراب عن  سبب رضوخ خامنئي لبزشكيان في  انتخابات صورية قاطعتها الأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني للانتخابات مما أشغل مخاوف  خامنئي من انتفاضة جديدة في إيران.

بعد انتفاضة 2017 وانتفاضة 2019 على مستوى البلاد، أراد خامنئي ترتيب هرم نظامه بحيث ينصّب شخصا يخدمه بشكل كامل، بدون انقسامات أو خلافات مع المؤسسات الخاضعة لقيادة خامنئي وقوات الحرس.

كان إبراهيم رئيسي، الذي عمل عضوا في لجنة الموت في عام 1988 ولعب دورا رئيسيا في إعدام 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من منظمة مجاهدي خلق، هو الأنسب لخامنئي.

مع تنصيب إبراهيم رئيسي، وضع خامنئي جهاز الدولة بأكمله في خدمة الحرس والمؤسسات التابعة له، وأغلق جميع الثغرات في حكم الملالي ليتمكن من إقامة حاجز أمام انتفاضات الشعب الإيراني في الداخل والتحريض على الحرب في المنطقة.

إبراهيم رئيسي

بالنسبة لخامنئي، كان مصرع رئيسي بمثابة ضربة قاصمة للظهر ومثل كأس من السم، حيث حطم الجهاز الذي بناه بشق الأنف  لكن السؤال المطروح لماذا لم يخرج خامنئي الشخص الأقرب إليه، سعيد جليلي، من صناديق الاقتراع بعد هلاك رئيسي، بل مهد الطريق لمسعود بزشكيان؟ وهنا يجب العثور كذلك على السبب في مقاطعة الشعب الإيراني للانتخابات.

قوبلت الانتخابات البرلمانية للنظام، التي أجريت على مرحلتين في مارس ومايو من هذا العام، بمقاطعة غير مسبوقة من قبل الشعب. وأعلن النظام نسبة إقبال بلغت نحو 40 %، وبحسب هذه الإحصائيات الوهمية ورغم كل عمليات التزوير، كانت نسبة المشاركة في أدنى مستوياتها مقارنة بكل الانتخابات السابقة للنظام، ما خلق موجة من الهلع في النظام.

الإحصائيات الحقيقية التي أعلنتها الهيئة الاجتماعية  لمجاهدي خلق داخل البلاد أظهرت أنه الجولة الأولى من الانتخابات شهدت مشاركة 5 ملايين شخص فقط، أي 8.2 في المئة من المؤهلين، وفي الجولة الثانية 7 في المئة فقط، مما يعني أن 93 في المئة من الشعب قاطعها.

وقد دق هذا الحادث أجراس الإنذار في جميع أنحاء النظام، وبالتالي، في الانتخابات المقبلة، الانتخابات الرئاسية، جعل خامنئي هدفه الرئيسي هو زيادة نسبة المشاركة من خلال التسويق للانتخابات، وذلك بأي ثمن للتغطية على مستوى العزلة وكراهية الشعب الإيراني للنظام. لهذا السبب، فُتحت الطريق أمام بزشكيان لتولي منصبه.

بالطبع، في الانتخابات الرئاسية، كانت نسبة المشاركة الحقيقية 9 10%فقط، وقاطعها 91 % من الناخبين المسجلين .

بعد  “انتخاب” أو “تعيين” مسعود بزشكيان رئيسا للدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران، سعت لوبيات النظام خارج إيران ومؤيدو سياسة الاسترضاء الفاشلة لتبرير استمرار هذه السياسة مع الملالي،  بزعم أن بزشكيان  “إصلاحي” وأن النظام الإيراني سيغير سياساته أو يعدلها خلال فترة رئاسته.

كما يحاول النظام تضليل دول المنطقة بهذا النوع من الدعاية، وكأنه بوصول بزشكيان، سيوقف النظام تأجيج الحروب والجرائم في المنطقة.

إن وصف بزشكيان بالإصلاحي وتوقع تغيير في السياسات العامة للنظام، وخاصة وقف القمع داخل إيران وإثارة الحروب في المنطقة،  يعكس إما عدم فهم للواقع الحالي للمجتمع الإيراني والوضع الواهن للديكتاتورية الحاكمة، أو يتم الترويج له بأهداف ومصالح سياسية محددة.

والحقيقة هي أن بزشكيان لا يريد أو يملك السلطة للانحراف عن الخطوط التي حددها خامنئي ولا يمكنه فعل شئ خارج الإطار المرسوم له فقد  أكد صراحة ومرارا  أنه قد ذاب في خامنئي وقال إنه ليس لديه برنامج أو سياسة، وأن  البرنامج والسياسة يحددهما خامنئي، والانحراف عنهما هو خطه الأحمر.

وقد وصف بزكشيان  قاسم سليماني مرارا وتكرارا بأنه بطل قومي وبل  كان أول عمل له بعد أن أصبح رئيسا هو الاتصال بحسن نصر الله وبشار الأسد وإعلان دعمه ودعم النظام الإيراني لهما ولمرتزقة النظام الآخرين.

ومن ثم إن النتائج  الكارثية لسياسة الاسترضاء، التي كانت أساس سياسة الغرب مع النظام على مدى العقود الأربعة الماضية،  تظهر الآن في المنطقة، حيث سيطر النظام على أربع دول عربية ويؤجج حربا كبيرة في المنطقة.

ومن المؤكد أن النتيجة المادية لسياسة الاسترضاء مع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران هي التواطؤ العملي في المزيد من القمع للشعب الإيراني وتوسيع تهديدات النظام في المنطقة  وجهوده المتسارعة للحصول على أسلحة نووية.

إن الانتخابات الصورية للنظام هي نتيجة لمآزق وهزائم  كبيرة يواجهها النظام، وسوف تؤدي أيضا إلى تفاقم أزمات الملالي القاتلة. كما سيشتد الصراع والحرب بين عصابات المافيا داخل النظام.

وفي هذا الإطار تبدو الديكتاتورية الثيوقراطية الآن في أضعف حالاتها وليس لديها مخرج من الأزمات المقبلة. لهذا السبب، وبغض النظر عن مناوراتها الجوفاء، فإن القمع داخل إيران وإثارة الحروب في الخارج وتكثيف الجهود للحصول على الأسلحة النووية سيستمر بكثافة كاملة لأن بقاء  النظام يعتمد عليها.

لكن هذا النظام ليس أمامه خيار أمام خطر الانتفاضات الكبرى القادمة، ولا يستطيع التعامل مع آثار كأس سم هلاك إبراهيم رئيسي،  وبسبب تورطه في مستنقع الحرب في المنطقة،  سيكون الخاسر الاستراتيجي  منه.

لقد ثبت الآن أن خامنئي  لن يكون قادرا على التعامل مع معضلة  خلافته  وافتقار النظام إلى المستقبل،  وعلى أي حال، فهو يواجه انتفاضة وحتمية الإطاحة به على يد الشعب.

أظهرت الانتفاضات في إيران في السنوات القليلة الماضية إمكانية الإطاحة بالنظام من خلال الانتفاضات الشعبية. كما سلطت الضوء على دور وحدات المقاومة وشبكة المقاومة المنظمة في تحفيز الانتفاضة. نظام  الملالي في المرحلة الأخيرة من حياته المشينة ومحاط  بالمجتمع الإيراني، لذلك يجب إلغاء  سياسة الاسترضاء.

السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب الإيراني والمنطقة بأسرها والعالم من هذا النظام الإجرامي والمروج للحرب هو  الاعتراف بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط النظام ودعم معركة الشباب الثائر ضد قوات الحرس. كل من يريد السلام والأمن والتقدم في هذه المنطقة من العالم عليه أن يقف مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، وأن يدعم مطلبهما بإسقاط النظام وإقامة إيران حرة وديموقراطية.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب