مختار محمود يكتب: «أدونيس».. وبشار الأسد!
كان الشاعر المثير للجدل والشفقة «أدونيس» أكثر المدافعين عن نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وبسقوط الأخير وهروبه،
اختفى الشاعر التسعيني من المشهد، وكأنه لم يكن موجودًا ولا مُنظِرًا ولا عرَّابًا.
أهدر صاحب كتاب «الثابت والمتحول» ما ادخره من رصيده الضئيل في الدفاع عن نظام سياسي فقد صلاحيته منذ سنين.
سخَّر الشاعر العجوز موهبته المتهافتة في تبييض وجه الديكتاتور.
هذا شأن المثقفين عامة، الشعراء خاصة، ولكن «أدونيس» لم يستطع أن يكون مختلفًا كما يظن. «أدونيس» لا يُولي وجهه إلا شطر مصلحته الشخصية.
هكذا يفعل النرجسيون، و«أدونيس» -الباحث خلال نصف قرن من الزمان عن «نوبل»- عظيم النرجسيين.
لم يدِنْ «أدونيس» مجزرة واحدة من مجازر «بشار»، ولم يسجل موقفًا واحدًا يثبت من خلاله أنه إنسان،
قبل أن يكون شاعرًا، يمكن أن تهتز مشاعره حيال أناس يُقتلون ويُعتقلون ويُعذبون بأبشع أنواع العذاب.
في كل المواقف التي كان يجدر به أن يدين بها النظام السوري الساقط..
لجأ «أدونيس» -الكاره للإسلام بالسليقة- إلى المراوغة واللف والدوران، وتحصَّن بعبارات فضفاضة ماكرة خادعة بغبغائية.
بقي «أدونيس» أسيرًا لانتمائه الطائفي، ولم يُبح يومًا بكلمة الحق.
ربما لو نطق «أدونيس»، وصدع بما كان يجب عليه أن يصدع به مثله، لأنقذ روحًا من القتل، أو جسدًا من التعذيب، ولعرف الناس ما يجهلونه عن نظام تفنن في إذلال شعبه وقهره.
«أدونيس» دأب على الهجوم على أنظمة غربية؛ بزعم دعمها أنظمة عربية شريرة، دون أن يسميها، في الوقت الذي لم يغادر فيه كنف الطاغية الذي أنشأ سجونًا ومعتقلات متعددة الطوابق تحت الأرض.
الشاعر -المرشح قسرًا كل عام لجائزة نوبل في الآداب- لم يضبط يومًا متلبسًا -ولو بطريق الخطأ- بالدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان.
لعل «أدونيس» نسخة معدلة من الشاعر ابن هانئ الأندلسي الذي مدح المعز الفاطمي يومًا بقوله الآثم:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار ::: فاحكم فأنت الواحد القهار!!
قضى «أدونيس» عمره الممتد منتفعًا لا نافعًا.
كان ولا يزال مخلصًا لشيطانه أيَّما إخلاص، والعجيب أن يهيم به عشقًا ويدور فيه فلكه آثمون كثر من أمثاله،
ممن يرشحونه كل عام لجائزة نوبل أو أرفع الأوسمة في بلدانهم، كما حدث مؤخرًا في القاهرة.
«أدونيس» ليس واحدًا ولا عشرة، بل آلافًا مؤلفة من المنافحين عن الباطل، الكارهين للحق، المروجين للكذب.
لم يظفر أي بيان إدانة لنظام الرئيس السوري السابق خلال السنوات السابقة بتوقيع الشاعر الخَرِف.
دأب «أدونيس» على التهرب من أي موقف رافض لاستمرار حكم بشار الأسد.
كيف يدينهم وهو الذي كان صديقًا لـ«آل الأسد» منذ العام 1970، وملتصقًا بدوائر صناعة القرار؟
كان «أدونيس» ولا يزال مقامرًا منزوع الضمير.
راهن حتى اللحظة الأخيرة على بقاء حكم حزب البعث -الذي لم يكن له من اسمه نصيب- وعندما خسر الرهان اختفى، متوهمًا أن خطاياه قابلة للنسيان.
«أدونيس» وأقرانه في الوطن العربي الكبير، أو الذي كان كبيرًا، مجرد أصفار على اليسار في معركة الحياة ومعادلة الإنسانية، حتى وإن ظنوا بأنفسهم خيرًا.